ومنها: أن التخصيص بالذكر لا بد له من مخصص، وإلا لزم الترجيح بلا مرجح، ونفي الحكم عن غير محل الوصف صالح لذلك، وليس هناك شئ آخر بحسب الظاهر ليكون داعيا إلى التخصيص، فالظاهر أنه المخصص في المقام، إلا أن يظهر مخصص آخر، ولا بحث حينئذ، مضافا إلى مناسبة الملاحظة والاقتران الظاهر إلى ذلك.
ويدفعه: أن الفائدة المذكورة وإن صح أن تكون باعثة على ذلك إلا أن الأمر غير منحصر فيها، واحتمال غيرها من الفوائد قائم في كثير من المقامات، ولا ترجيح، ومع انحصار الفائدة فيها ولو ظنا فلا كلام.
نعم، ربما يقال بأظهرية الفائدة المذكورة عند عدم ظهور فائدة أخرى في المقام على ما هو محل الكلام كما مر، لكن ليست بتلك المثابة من الظهور. وكذا الحال في ملاحظة المناسبة والاقتران فلا يبلغ حد الدلالة ليمكن الاتكال عليه في مقام الاستفادة.
وأما حجة أبي عبد الله البصري على التفصيل المذكور فكأنها استظهار ذلك منه في الصور الثلاث بحسب فهم العرف دون غيرها من الموارد، وقد عرفت أن مرجع ذلك ما ذكرناه من القول بعدم دلالة نفس التعليق على ذلك، كما هو مورد البحث في المقام، وإنما يستفاد ذلك منه في ما ذكره إن سلم بحسب اقتضاء المقام، وهو أمر (1) آخر لا يأبى عنه القائل بالنفي المطلق، لوضوح أنه لا يقول بعدم إمكان أن ينضم إلى الكلام من القرائن الحالية والمقالية ما يفيد معنى الانتفاء عند الانتفاء، سواء كان على وجه التنصيص أو الظهور، وإنما يقول بعدم دلالة التعليق على ذلك، لا بدلالته على خلافه.
وقد يقال: إن كلام القائل بإطلاق النفي يدل على أن التعليق على الوصف لا يدل على الحكم المذكور في شئ من المقامات، والمفصل يقول بالفرق بين