وكيف كان فالظاهر أن محل الخلاف في الاقتضاء المذكور ليس من جهة الدلالة الوضعية، ضرورة عدم اندراج ذلك في وضع شئ من الألفاظ المفردة المستعملة في المقام، لا في الوضع العام المتعلق بالتراكيب الخاصة على الوجه الذي مر في محله، إذ ذلك الوضع لا يعتبر فيه خصوص تعليق الحكم على الوصف، ولا كون الوصف المذكور متعلقا للحكم المفروض حتى يتصور فيه أخذ المعنى المذكور، وليس هناك وضع خاص يتعلق بالهيئة المجموعية حتى يقال بكونها موضوعة لذلك، ولو قيل به فالقول بوضعها لذلك بعيد جدا، وليس في كلماتهم ما يفيد الدعوى المذكورة، فالظاهر أن استفادة ذلك منه على القول به ليس إلا من جهة استظهار ذلك من تعليق الحكم عليه، فهو إذا مدلول عرفي حاصل في المقام: إما من جهة تعليق الحكم على الوصف، أو من جهة التقييد وذكر الخاص مع أولوية تركه، أو لاختصاص الحكم، فلا يلزم هناك تجوز في اللفظ ولا في الهيئة لو قام دليل على عدم إرادة المفهوم، وإنما يلزم هناك الخروج عن الظاهر المذكور على القول به. فالبحث في المقام إنما هو في الدلالة الالتزامية العرفية، وكان الأظهر في تقريرها على القول بها أن يقال فيها على نحو ما قدمناه بظهور التعليق على الوصف، أو التقييد بالقيد في إناطة الحكم به وتوقفه عليه، ويستلزم ذلك عقلا انتفاء الحكم بانتفائه.
ويؤيد ما ذكرناه: أنه لا مجال لتوهم ثبوت المفهوم في عدة من المقامات التي قيد فيها الحكم بالوصف كما إذا قلت: رأيت عالما، أو: أكرم الأمير رجلا عالما، أو: مات اليوم فاضل، أو: أهين فاسق، إلى غير ذلك من الأمثلة الكثيرة، إذ لا إشعار في تلك العبارات بالدلالة على الانحصار وانتفاء الحكم في غير المقيد، ولو كان ذلك من جهة الوضع لا طرد في المقامات، إلا أن تقوم قرينة على خلافه فتقضي بالصرف عنه بعد فهمه. فتبين أن ذلك إنما هو من جهة الاستظهار المذكور، حيث إنه يتبع الموارد التي يجري فيها ذلك دون غيرها، كما في الأمثلة المذكورة ونحوها. فالظاهر عدم تعميم محل البحث لسائر ما قيد فيه الحكم بالوصف، وإن