لا ينافي وجوبه بالاعتبار الأول، فغاية الأمر جواز ترك أداء الطبيعة به، وذلك لا ينافي وجوبها أصلا، وقد مر توضيح القول في ذلك.
ثم إن الطبيعة المفروضة من حيث إطلاقها متعلقة للأمر بالأصالة متصفة بالوجوب التعييني أصالة، وهي بتلك الاعتبار مما لا يجوز تركه مطلقا، ومن حيث تقييدها بخصوصيات الأفراد متصفة بالوجوب التخييري التبعي الذي هو عين الوجوب التعييني المذكور المغاير له بحسب الاعتبار، حسب ما مر بيانه، والانفصال عن المندوب بالملاحظة المذكورة ظاهر أيضا.
قوله: * (وهو أنه لو أتى بأحدهما أجزأ... الخ) *.
لا يخفى أن حصول الاجزاء بمجرد الإتيان بأحد الفعلين والعصيان بالإخلال بهما لا يقضي بتعلق الوجوب بكل من الأمرين على سبيل التخيير، لإمكان أن يكون الأمر بالثاني مرتبا على ترك الأول، فلا وجوب للثاني لا عينا ولا تخييرا مع الإتيان بالأول، ويجب عينا مع ترك الأول، أو يكون سقوط الثاني مترتبا على فعل الأول فيجب الثاني عينا مع ترك الأول، ولا وجوب أصلا مع الإتيان به، ألا ترى أنه لو ترك الزوج طلاق زوجته والإنفاق عليها عصى، ولو أتى بأحد الأمرين أجزأه؟ وكذا الحال في تخييره بين السفر في شهر رمضان والمقام وأداء الصيام.
هذا إذا أريد بالإجزاء ارتفاع الإثم وانتفاء العصيان. ولو أريد به تحقق الطاعة وحصول الامتثال على الوجهين فليفرض ذلك فيما إذا وجب عليه السفر، فإنه لو ترك الأمرين حينئذ عصى، ولو أتى بأحدهما اكتفى به في حصول الامتثال، ومن الواضح عدم كونه من الوجوب التخييري في شئ.
والحاصل: أن الأمر المذكور من لوازم الوجوب التخييري، واللازم قد يكون أعم من الملزوم، فلا يلزم من ثبوته في المقام ثبوت الوجوب التخييري.
قوله: * (أنا نقطع بأن الفاعل للصلاة... الخ) *.
يمكن تقرير الجواب المذكور بتمامه معارضة، فأراد بذلك إثبات أن الوجوب في ذلك ليس على سبيل التخيير، إذ لو كان كذلك لزم أن يكون حصول الامتثال