أحدهما: الاستناد إلى ظاهر الأمر، حيث إنه ظاهر في الوجوب العيني دون التخييري، حسب ما عرفت الوجه فيه في محله.
وثانيهما: أنه لا إشكال لأحد في عدم دلالة صيغة الأمر على وجوب العزم، ولم يقم على وجوبه دليل آخر من الخارج، كما سيظهر عند إبطال دليل الخصم، فالأصل يقتضي عدم وجوبه.
هذا وقد يستدل لذلك بوجوه اخر:
الأول: أن البدلية قاضية بمساواته للمبدل في الحكم وقيامه مقامه، ومن البين أنه لو أتى بمبدله - أعني الفعل - قضى بسقوط التكليف بالمرة، فيلزم أن يكون العزم أيضا كذلك، ولا قائل به.
وأورد عليه بوجوه:
أحدها: أنه إنما يكون بدلا عن الفعل في أول الوقت - مثلا - فيكون قائما مقام الفعل الواقع فيه، لا في جميع الأوقات.
ويدفعه: أنه إذا قام مقام الفعل في الأول قضى بسقوط التكليف به في باقي الوقت، إذ لا تكرار في التكليف، ولا يجب الإتيان بالفعل زائدا على المرة، والمفروض الإتيان ببدل الواجب، فلا بد من سقوط التكليف بالمرة.
وقد اختار شيخنا البهائي ذلك في الجواب عن الحجة المذكورة، حيث قال:
إن العزم بدل من الفعل في كل جزء لا مطلقا، وقد عرفت ما فيه. ويمكن تنزيل كلامه على الجواب المختار، كما ستجئ الإشارة إليه، لكنه بعيد عن كلامه.
ثانيها: أنا لا نقول بكون مجرد العزم بدلا عن الفعل في الأول، بل العزم عليه والفعل في الثاني بدل عنه والعزم عليه، والفعل في الثالث بدل عن الفعل في الثاني، وهكذا، فلا يكون العزم وحده بدلا عن الفعل في الأول حتى يكون الإتيان به قائما مقامه، حسب ما مرت الإشارة اليه.
وفيه: ما مر بيانه من مخالفته لكلام القوم، ومن الاكتفاء حينئذ ببدلية الفعل اللاحق من غير حاجة إلى ضم العزم، فإنه إذا صح جعله جزءا من البدل صح كونه تمام البدل.