خاليا من البدل فيجوز تركه قبل الزمان الأخير بلا بدل، ووجوب الفور على الوجه المذكور لا يدرجه في حد الواجب. نعم، لو لم يكن هناك بدل عن الفور وكان الإقدام عليه أولا واجبا اكتفى به في ذلك حسب ما مرت الإشارة إليه، لكن المفروض قيام العزم مقام الفور، فحينئذ يجوز ترك الطبيعة أولا، وثانيا إلى الزمان الآخر بلا بدل عنها، فالإشكال على حاله.
ويمكن دفعه: بأن مفاد وجوب الفور هو وجوب أداء الفعل فورا، ومفاد بدلية العزم عن الفور هو تخيير المكلف بين أداء الفعل فورا والعزم على أدائه في الثاني والثالث، فيكون أداء الفعل في الأول واجبا على سبيل التخيير، وهو الذي رامه القائل، فلا ينافيه عدم كون العزم بدلا عن مطلق الفعل، إذ ليس مقصود القائل المذكور إلا دفع الشبهة من عدم اتصاف الفعل الواقع أولا وثانيا - مثلا - بالوجوب، نظرا إلى جواز تركه حينئذ بلا بدل (1). وهذا القدر كاف في ما هو ملحوظ في المقام، ومع الغض عن ذلك فالمقصود بذلك إدراج الفعل حينئذ في الواجب، لصدق عدم جواز ترك مطلق الفعل حينئذ على تقدير العزم، وهو كاف في إدراجه في حد الواجب وانفصاله عن المندوب، إذ الواجب ما لا يجوز تركه في الجملة، والعزم وإن كان بدلا عن تعجيل الإتيان به في الأول إلا أنه لا يجوز ترك مطلق الفعل حينئذ مع ترك العزم، لوجوب التعجيل على سبيل التخيير بينه وبين العزم، ووجوب نفس الفعل حينئذ من جهة المنع من تركه على تقدير عدم العزم على الإتيان به في ما بعده، فهو أيضا مما لا يجوز تركه في الجملة. هذا.
ثم إنه يمكن أن يقال: أنه لا تعدد في المقام في الأبدال، ولا في الواجب المبدل، فإن وجوب المبادرة إلى الفعل أمر واحد مستمر إلى أن يأتي المكلف بالفعل، وكذلك العزم على أداء ذلك الفعل واجب واحد يقوم مقام الواجب المذكور عندهم يستمر باستمرارها، حتى أنه لا يجب عليه تجديد العزم في كل آن،