سابق الكلام ولاحقه عما يفيد ذلك وانتفاء سائر الشواهد عليه كأنه نادر فيهما، وأيضا معظم أحاديثنا المروية في الأحكام الشرعية إنما هي عن الصادقين (عليهما السلام) ومن بعدهما وليس عندنا من الروايات النبوية في الأحكام من غير جهتهم (عليهم السلام) إلا أقل قليل ولا يكاد يوجد فيما اختص غيرهم (عليهم السلام) بنقله حديث معتبر يمكن التعويل عليه في الأحكام إلا قليل من الروايات المعتضدة بالشهرة، ومع ذلك فوجود تلك الألفاظ فيها خاليا عن القرينة في كمال الندرة.
وكذا الحال فيما يتعلق بالأحكام من القرآن، لورود تفسير معظم تلك الآيات في الروايات المأثورة عن الأئمة الهداة (عليهم السلام)، أو في كلام من يعتمد عليه من أئمة التفسير، وورود ما هو من الألفاظ المذكورة فيها من دون ظهور ما هو المراد بوجه إلا من جهة هذه المسألة قليل أيضا، وحينئذ فملاحظة ما عرفت من عدم صدق الشارع على الأئمة (عليهم السلام) لا تكون الثمرة المتفرعة على هذا المرام بتلك المثابة من الاهتمام.
وإن أريد ترتب تلك الفائدة عليها بالنسبة إلى كلام الصادقين (عليهما السلام) ومن بعدهما من جهته، لوضوح أنه مع ثبوت الحقيقة في عصر النبي (صلى الله عليه وآله) يثبت بالنسبة إلى أعصارهم، وأما مع عدمه فربما يشك بالنسبة إلى كلامهم أيضا، ففائدة الخلاف المذكور وإن لم تكن مهمة بالنسبة إلى ما ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله) لكنها مهمة بالنسبة إلى ما ورد عن الأئمة.
ففيه: أن تلك الفائدة وإن ترتبت على القول بثبوت الحقيقة الشرعية إلا أنها تترتب في الحقيقة على الكلام في مبدأ الحقيقة المتشرعة على القول بنفي الشرعية أيضا إذا تعين حصولها في عصرهما كما هو الظاهر وكأنه مما لا ينبغي التأمل فيه بل الظاهر كما قيل وقوع النزاع في الحقيقة الشرعية في تلك الأعصار مع إطباقهم إذن على ثبوت الحقيقة المتشرعة.
واحتمال ترتب الفائدة عليه بالنسبة إلى الأحاديث النبوية المروية من جهتهم (عليهم السلام) إن كان هناك لفظ خال عن القرينة.