المستعملة في المعاني الجديدة المقررة في الشريعة، وهو حينئذ قائل بثبوتها في ذلك مطلقا، إلا أنه يعتقد انتفاء ذلك في المعاملات فلذا حكم بعدم ثبوت الحقيقة الشرعية بالنسبة إليها.
ولو اعتقد ثبوت معان جديدة هناك يقال بثبوتها فيها أيضا بمقتضى ما نسب اليه من الاحتجاج فهو في الحقيقة مفصل في أمر آخر غير هذه المسألة.
ثم لا يذهب عليك أن ما استند اليه لا ينهض دليلا على ثبوت الحقيقة الشرعية في العبادات، إذ ما ذكره من كونها أمورا جعلية وماهيات جديدة متوقفة على بيان صاحب الشريعة مما لا خلاف فيه بين الفريقين، ولا دلالة فيه على حصول الوضع، ولذا وقع الخلاف فيه مع الاتفاق على ذلك فلا وجه للاستناد اليه، إلا أن يضم اليه غيره مما مر في الاحتجاج.
وكأن مقصود القائل من ذلك إبداء الفرق بين العبادات والمعاملات بأنه لم يقرر الشارع في المعاملات معان جديدة ليضع الألفاظ بإزائها بخلاف العبادات، ثم يحتج لثبوتها فيها بما يحتج به المثبتون لها.
وكيف كان، فقد عرفت ما فيه، وقد عرفت أيضا أن الأمر في الحقيقة الشرعية ليس متوقفا على كون الوضع فيها تعينيا كما زعموه، بل الظاهر القول بكونه تعيينيا كما هو ظاهر كلام القوم حسب ما عرفت.
وقد يستبعد من وقوع ذلك، إذ لو وقع لصرح به النبي (صلى الله عليه وآله) وصعد على المنبر لإبلاغه لما يترتب عليه من الثمرة العظيمة، ولو كان كذلك لما خفي على أحد من الأمة لتوفر الدواعي إلى نقله كيف! ولم ينقل ذلك أحد من أرباب التواريخ ولا غيرهم ولا حكوا إيقاعه بشئ من تلك الأوضاع.
ويدفعه أن وقوع الوضع لا يستتبع شيئا من ذلك، إذ هو تعيين قلبي لا يفتقر إلى عقد ولا إيقاع، وإفهام ذلك للمخاطبين لا يتوقف على صعود على المنبر ولا تصريح بالحال، بل يحصل بالترديد بالقرائن كما هو الحال في سائر الاصطلاحات واللغات، وهو ظاهر.