الثاني ما يزيد على ذلك عند التحقيق وإن كان ظاهر تقريره قد يوهم خلاف ذلك.
وقد ظهر بما ذكرنا أن ما ذكر من إمكان تقرير الدليل بطرح المقدمتين المذكورتين ليس بمتجه، وما ذكر في بيانه من الاكتفاء في إثبات الملازمة بانتفاء فائدة الوضع إنما يتم مع أخذ هاتين المقدمتين، فإنه حينئذ إما أن يلتزم في إرادة الموضوع له من مراعاة القرينة فيراد من المطلقات هو المعنى السابق ففيه خلو الوضع عن الفائدة، وإما أن يراد منها المعنى الموضوع له بمجرد الوضع له من غير إعلام وهو باطل، إذ لا يفهم المقصود حينئذ بمجرد ذلك، ولا شك في كوننا مكلفين بما تضمنه وأن الفهم شرط التكليف، فإبطال هذه الصورة يتوقف على ملاحظة المقدمتين المذكورتين وبذلك يتم الدليل. فتأمل.
قوله: * (لمشاركتنا لهم في التكليف) * لا يخفى أن مجرد المشاركة في التكليف لا يقضي بنقل الوضع الينا، ووجوب ذلك عليهم غير معلوم، لاحتمال اكتفائهم في معرفة ذلك بما يظهر من استقراء كلام الشارع واستعمالاتهم، وعلى فرض التسليم فلا عصمة فيهم يمنع من ترك الواجب أو الغفلة عنه، ومع الغض عن ذلك فالواجب بيانهم لما هو مراد الشارع منها وهو حاصل بتفسيرهم لما أطلقه الشارع مما أراد به المعاني الشرعية، وإطلاقهم ما أريد به المعاني اللغوية ولو بترك القرينة المنضمة إليها، لانتفاء الحاجة إليها مع عدم بيان النقل.
لا يقال: إنه مع وضع الشارع لتلك الألفاظ لا بد من حمل المطلقات عليه اتفاقا، فكيف يقال بحملها حينئذ على المعاني اللغوية؟.
إذ نقول: إن الاتفاق إنما هو بعد ثبوت الوضع لا بمجرد احتماله، والمقصود مما ذكرنا عدم صحة الاستناد إلى الوجه المذكور في لزوم بيان النقل الينا على تقدير حصوله، نظرا إلى قيام الاحتمال المذكور.
قوله: * (وإلا لما وقع الخلاف فيه) * فيه: أولا: أنه منقوض بوقوع الخلاف في كثير من المتواترات، وثانيا: