الجديدة الشرعية وكثرة دورانها في الشريعة فكيف يهمل الشارع الحكيم وضع الألفاظ بإزائها؟ مع ما يرى من شدة اهتمامه بالشريعة وعظم حاجة الناس إليها وقوام أمور الدين والدنيا بها.
ومنها: أن جملة من تلك الألفاظ قد صارت حقائق في المعاني الشرعية في الشرائع السابقة، كالصلاة والصوم والزكاة وقد عبر بها في القرآن حكاية عن الأنبياء السابقين، وهو معلوم أيضا من الخارج فهي حقيقة فيها قبل مجئ هذه الشريعة أيضا.
وما يورد عليه من مخالفة هذا اللسان للغاتهم فغاية الأمر أن يكون للمعاني المستحدثة عندهم ألفاظ موضوعة من لغاتهم، ولا يلزم من ذلك وضع هذه الألفاظ بإزائها، ومن أن هذه المعاني أمور جديدة لم يكونوا يعرفونها وإنما اتي بها في شرعنا، فعلى فرض كون هذه الألفاظ حقيقة في المعاني الثابتة في شرائعهم لا يثبت به كونها حقيقة فيما ثبت في شرعنا، بل لا بد في ثبوته عندنا من وضع جديد.
مدفوع، أما الأول فبان الظاهر أن العرب كانوا يعبرون عنها بهذه الألفاظ، ولذا وقع التعبير بها في الكتاب العزيز، وقد كان كثير من العرب متدينين ببعض تلك الأديان وكانت تلك الألفاظ معروفة عندهم وإن كان المعبر به عنها في أصل شرعهم من غير اللغة العربية.
وأما الثاني فبما مرت الإشارة اليه من أن الاختلاف إنما وقع في المصداق كاختلاف كثير من تلك العبادات في شرعنا بحسب اختلاف الأحوال، وأما المفهوم العام المأخوذ في وضع تلك الألفاظ فهو يعم الجميع.
فقد ظهر مما قررناه من الوجوه قوة القول بالثبوت مطلقا، ولو نوقش في استقلال كل واحد من الوجوه المذكورة في إفادة الظن فلا مجال للإنكار بعد ضم بعضها إلى البعض، لحصول المظنة بمؤداها، وهي كافية في المقام قطعا، بل يكتفى بما دون ذلك في مباحث الألفاظ.