للإنسان، ولا ريب حينئذ بانتفاء الكل مع انتفاء كل منها.
ومنها: ما لا يكون كذلك كاليد والإصبع والظفر للإنسان، لعدم انتفاء الكل بانتفائها، وصدق الانسان بعد قطع كل منها كصدقة قبله.
فإن قلت: بعد فرض شئ جزء لشئ كيف يعقل وجود الكل حقيقة مع انتفائه؟ إذ من الفطريات الحكم بانتفاء الكل بانتفاء جزئه.
قلت: إنما يرد ذلك إذا قلنا بكون ذلك جزء معتبرا في معنى اللفظ على كل حال، وأما إذا قلنا بجزئيته حين حصوله دون عدمه فلا، ويتصور ذلك بأن يقال بوضع اللفظ لما يقوم به الهيئة العرفية المخصوصة من تلك الأجزاء مثلا، فإن قامت بعشرين منها مثلا كان ذلك كلا، وإن قامت بعشرة منها كان ذلك أيضا كلا، ولا ينتفي مسمى اللفظ مع انتفاء الباقي وإن انتفت الخصوصية السابقة، إذ هي غير مأخوذة في معنى اللفظ وقد وقع نحو ذلك في كثير من الأوضاع، فإن لفظ " البيت " إنما وضع لما قام به هيئة البيت المخصوصة المعروفة في العادة، وتلك الهيئة قد تقوم بجميع الأركان والجدران والروازن والأبواب والأخشاب وغيرها مما يندرج في اسم البيت مع وجوده، وقد تقوم بمجرد الأركان وبعض الجدران، وقد تقوم بذلك وببعض آخر على اختلاف وجوهه، إلا أن وجود الأركان ونحوها قد اعتبر في تحقق مفهومه لتقوم الهيئة بها بحيث لا حصول لها بدونها، وأما البواقي فغير مأخوذة بالخصوص فإن حصلت كانت جزء لقيام الهيئة بها حينئذ أيضا، وإلا فلا.
واختلاف الهيئة مع زيادة ما تقوم به ونقصه لا يوجب اختلاف المعنى، فإن خصوصية شئ منها غير مأخوذة في الوضع وإنما اعتبرت على وجه يعم الجميع.
ونحوه الكلام في الأعلام الشخصية، نظرا إلى عدم اختلاف التسمية مع اختلاف المسمى جدا فإن البدن المأخوذ في وضعها مختلف في نفسه جدا من زمن الرضاع إلى حين الشيخوخة، مع قطع النظر عن ورود سائر الطوارئ عليه، والتسمية على حالها من غير اختلاف وليس ذلك إلا لكون الوضع فيها على ما ذكرنا.