وآية العفو (1) تلطف كرحمك الله، [وهي] وآية المشاورة (2) في غير المسائل الدينية، وإلا كان مقلدا لهم، [ونمنع (3) كون الإذن حكما شرعيا، و] التخيير أولا في سوق الهدي، ثم [إيحاء] فضل التمتع ممكن (4)، وكذا سرعة الوحي باستثناء الإذخر (5)، وليس أبعد من سرعة الإجتهاد، وسبق سماع العباس استثناءه منه (صلى الله عليه وآله) محتمل (6)، ورب فضيلة (7) تترك (8) لما فوقها، أو لغرض
(١) قوله تعالى في سورة التوبة: ٤٣: (عفا الله عنك لم أذنت لهم) وجه الاستدلال بهذه الآية أنه تعالى عاتب الرسول (صلى الله عليه وآله) على الإذن، ولا تستقيم المعاتبة في الإذن الذي كان بالوحي، فلو كان الإذن بالوحي ما عاتبه، فتعين أن يكون عن اجتهاد. انظر: نهاية الأصول: ٤١٥.
(٢) قوله تعالى في سورة آل عمران: ١٥٩: (وشاورهم في الأمر). استدلوا بأن المشاورة إنما تكون فيما يحكم فيه بطريق الإجتهاد، لا فيما يحكم فيه بطريق الوحي. انظر: نهاية الأصول: ٤١٤.
(٣) أي الآيتان واردتان في غير المسائل الدينية، فإن الإذن لهم من المصالح الدنيوية.
(٤) جواب عن استدلالهم بقوله (صلى الله عليه وآله) - حين أمر الصحابة بالتمتع لتخلفه عنهم -: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي - صحيح البخاري: ٢ / ١٩٦، و ج ٣ / ٥، و ج ٩ / ١٠٣، ١٣٨، صحيح مسلم: ٢ / ٨٨٤ ح ١٤١، سنن أبي داود: ٢ / ١٥٤ ح ١٧٨٤، سنن النسائي:
٥ / ١٤٣، المستدرك على الصحيحين: ١ / ٤٧٤، السنن الكبرى للبيهقي: ٤ / ٣٣٨ -، أي لو علمت أولا ما علمت آخرا لما سقته، ومثل هذا لا يكون إلا عن اجتهاد. انظر:
نهاية الأصول: ٤١٥.
(٥) جواب عن استدلالهم بما روي عنه (صلى الله عليه وآله) أنه قال في مكة: لا يختلي خلاها، ولا يعضد شجرها.
فقال العباس: إلا الإذخر. فقال (صلى الله عليه وآله): إلا الإذخر. الكافي: ٤ / ٢٢٥ ح ٤، من لا يحضره الفقيه:
٢ / ١٥٩ ح ٦٨٩، الذريعة: ٢ / ٦٦٧، وسائل الشيعة: ١٢ / 557 ح 1 وص 558 ح 4.
ومعلوم أن الوحي ينزل في ذلك الآن، فاستثناؤه كان بالاجتهاد. وتقرير الجواب من وجهين. انظر: نهاية الأصول: 415.
(6) بأن يكون قد أوحي إليه (صلى الله عليه وآله) استثناء الإذخر، ويكون العباس قد سمع منه (صلى الله عليه وآله) ذلك، فلما أراد (صلى الله عليه وآله) استثناءه سبقه العباس إلى استثنائه، فأعاد (صلى الله عليه وآله) الاستثناء.
(7) هذا جواب عن قولهم: الإجتهاد أكثر ثوابا لما فيه من المشقة، وأفضل الأعمال أحمزها. فينبغي أن لا يكون (صلى الله عليه وآله) محروما من ذلك الثواب.
(8) كمن يحرم ثواب كونه شاهدا لكونه حاكما، وثواب التقليد لكونه مجتهدا.