التفاعل الفكري بين الفقه والأصول أن يواكب هذا التوسع الفقهي نحو محسوس في الفكر الأصولي تمثل هو الآخر في كتاب (العدة) للشيخ الطوسي قدس سره، ولم يحق هذا مرحلة جديدة في تطوير الفكر الفقهي الشيعي ومناهجه الأصولية فحسب، بل حقق مكسبا عقائديا كبيرا إذ رد على ذلك الاتهام الذي وجهه الخصوم الفكريون إلى مدرسة أهل البيت وتحميلها مسؤولية عجز الفقه الشيعي عن النمو والإمتداد) (1).
ويكفي لملاحظة التطور الهائل في كتاب (العدة) أن نقارن بين أبحاث وآراء الشيخ الطوسي فيه وآراء شيخه المرتضى في (الذريعة)، فالعدة جامع لكل مباحث الأصول ومسائله وعلى غاية البسط والإستقصاء والتحقيق، وقد لاحظت خلال تحقيقي عمقه في عرض الأبحاث والمسائل، ودقته وبعد نظره في فرز الآراء الأصولية ومناقشة ما لا يتطابق مع رأيه وفكره الأصولي، وقبوله للآراء الصائبة ثم إبداء آرائه التي لا يصدرها إلا بعد تمحيص وتدقيق لآراء عامة الأصوليين وخاصة المعتزلي منهم، وللطوسي عشرات النظريات الأصولية التي تفرد بها مثل: نظريته عن الخبر الواحد، وعن حد العلم، وعن تقسيمه للعلوم الضرورية، وعن مفهوم الظن عند الشيعة، وعن معنى الدلالة، والدال، والشاك، والمقلد، والعقل، والإمارة، والحسن والقبح، والاستعارة، وعن حكم الأمر الوارد عقيب الحظر، وعن الأمر المعلق بصفة أو شرط، وعن الأمر المعلق بوقت، وفي اقتضاء الأمر، وعن حقيقة النهي، وعن معني الخاص، والاستثناء،