والنظام. ويدل على ذلك أنهم على الرغم من كونهم شيعة كانوا يفرضون أوامر مشددة على هذه الطائفة التي يلتقونها في الأنتماء المذهبي لحد منعهم من إقامة شعائرهم الدينية (1) تلك التي قد تسبب إثارة الحزازات، ونشوب الفتنة، وقد نفوا من بغداد الشيخ المفيد وهو فقيه الشيعة في ذلك الوقت فغادرها في عامي 393 ه و 398 ه بعد الحوادث الطائفية (2). ومع أن البويهيين كانوا شيعة إلا أنهم لم يحاولوا تسليط أبناء مذهبهم على أهل السنة، والذي مكن البويهيين من الاستقرار والأمن في البلاد سياستهم الحكمية المتسامحة تجاه جميع السكان، فهدأت الأحوال، واستقرت الأمور في أغلب الأوقات، وانصرف الناس إلى العمل من أجل ترقية الحياة المادية والروحية، وعادت بغداد كعبة العلم والثقافة على النحو الذي كانت عليه في العصر العباسي الأول (232 - 132 ه) أيام خلافة المأمون. والواقع أن المجتمع الاسلامي خطا في العصر البويهي خطوات واسعة في مضمار التقدم العلمي لا زالت آثاره باقية حتى الوقت الحاضر، ولهذا اعتبر من أزهر العهود الثقافية في هذه البلاد لإطلاق الحرية الدينية، والحرية الفكرية، والحرية القلمية، وقد تميز بذلك بوجه خاص عضد الدولة (372 - 367 ه)، وهذه الحريات كانت السبب في كثرة من نبغ في العلوم والآداب في ذلك العصر من مختلف المذاهب الاسلامية أمثال:
الكليني، وابن قولويه، والصدوق، والشيخ المفيد، والشريف الرضي، والشريف المرتضى، والشيخ الطوسي، والكثير من شيوخ المذاهب