السابع: في كراهية البيع والشراء في المسجد، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه عليه الصلاة والسلام نهى عن تناشد الأشعار في المساجد، وعن البيع والشراء فيه، وعن أن يتحلق الناس في المساجد يوم الجمعة قبل الصلاة، واعلم أنه كره قوم من أهل العلم البيع والشراء في المسجد وبه يقول أحمد وإسحق وعطاء بن يسار، وكان إذا مر عليه بعض من يبيع في المسجد قال: عليك بسوق الدنيا فإنما هذا سوق الآخرة، وكان لسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم رحبة إلى جنب المسجد سماها البطحاء، وقال: من أراد أن يلغط أو ينشد شعرا أو يرفع صوتا فليخرج إلى هذه الرحبة، واعلم أن الحديث الذي رويناه يدل على كراهية التحلق والاجتماع يوم الجمعة قبل الصلاة لمذاكرة العلم، بل يشتغل بالذكر والصلاة والإنصات للخطبة، ثم لا بأس بالاجتماع والتحلق بعد الصلاة، وأما طلب الضالة في المسجد، ورفع الصوت بغير الذكر، فمكروه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا ردها الله عليك، فإن المساجد لم تبن لهذا، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أيضا أنه عليه الصلاة والسلام قال: " إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك "، قال أبو سليمان الخطابي رحمه الله: ويدخل في هذا كل أمر لم يبن له المسجد من أمور معاملات الناس، واقتضاء حقوقهم، وقد كره بعض السلف المسألة في المسجد، وكان بعضهم يرى أن لا يتصدق على السائل المتعرض في المسجد، وورد النهي عن إقامة الحدود في المساجد، قال عمر فيمن لزمه حد: أخرجاه من المسجد، ويذكر عن علي رضي الله عنه مثله، وقال معاذ بن جبل: إن المساجد طهرت من خمس: من أن يقام فيها الحدود أو يقبض فيها الخراج، أو ينطق فيها بالأشعار أو ينشد فيها الضالة أو تتخذ سوقا، ولم ير بعضهم بالقضاء في المسجد بأسا، لأن النبي عليه الصلاة والسلام لاعن بين العجلاني وامرأته في المسجد ولاعن عمر عند منبر النبي صلى الله عليه وسلم وقضى شريح والشعبي ويحيى بن يعمر في المسجد وكان الحسن وزرارة بن أوفى يقضيان في الرحبة خارجا من المسجد. الثامن: في النوم في المسجد في الصحيحين: عن عباد بن تميم عن عمه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مستلقيا في المسجد واضعا إحدى رجليه على الأخرى وعن ابن شهاب قال: كان ذلك من عمر وعثمان وفيه دليل على جواز الاتكاء والاضطجاع وأنواع الاستراحة في المسجد مثل جوازها في البيت، إلا الانبطاح فإنه عليه الصلاة والسلام نهى عنه وقال: أنها ضجعة يبغضها الله، وعن نافع أن عبد الله كان شابا أعزب لا أهل له فكان ينام في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورخص قوم من أهل العلم في النوم في المسجد، وقال ابن عباس: لا تتخذوه مبيتا أو مقيلا. التاسع: في كراهية البزاق في المسجد عن أنس عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: " البزاق
(١٧)