أصحاب رسول الله (ص)، وهو قول الله: إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا يقول:
فلم تغن عنكم كثرتكم شيئا. وضاقت عليكم الأرض بما رحبت يقول: وضاقت الأرض بسعتها عليكم. والباء ههنا في معنى في، ومعناه: وضاقت عليكم الأرض في رحبها وبرحبها، يقال منه: مكان رحيب: أي واسع وإنما سميت الرحاب رحابا لسعتها. ثم وليتم مدبرين عن عدوكم منهزمين مدبرين، يقول: وليتموهم الادبار، وذلك الهزيمة.
يخبرهم تبارك وتعالى أن النصر بيده ومن عنده، وأنه ليس بكثرة العدد وشدة البطش، وأنه ينصر القليل على الكثير إذا شاء ويخلي القليل فيهزم الكثير.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
12874 - حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:
لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين حتى بلغ: وذلك جزاء الكافرين قال:
وحنين ماء بين مكة والطائف قاتل عليها نبي الله هوازن وثقيف، وعلى هوازن مالك بن عوف أخو بني نصر، وعلى ثقيف عبد يا ليل بن عمرو الثقفي. قال: وذكر لنا أنه خرج يومئذ مع رسول الله (ص) اثنا عشر ألفا، عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار، وألفان من الطلقاء، وذكر لنا أن رجلا قال يومئذ: لن نغلب اليوم بكثرة قال: وذكر لنا أن الطلقاء انجفلوا يومئذ بالناس، وجلوا عن نبي الله (ص) حتى نزل عن بغلته الشهباء. وذكر لنا أن نبي الله قال: أي رب آتني ما وعدتني قال: والعباس آخذ بلجام بغلة رسول الله (ص)، فقال له النبي (ص): ناد يا معشر الأنصار ويا معشر المهاجرين فجعل ينادي الأنصار فخذا فخذا، ثم نادي: يا أصحاب سورة البقرة قال: فجاء الناس عنقا واحدا. فالتفت نبي الله (ص)، وإذا عصابة من الأنصار، فقال: هل معكم غيركم؟ فقالوا: يا نبي الله، والله لو عمدت إلى برك الغماد من ذي يمن لكنا معك ثم أنزل الله نصره، وهزم عدوهم، وتراجع المسلمون. قال: وأخذ رسول الله كفا من تراب، أو قبضة من حصباء، فرمى بها وجوه الكفار، وقال: شاهت الوجوه فانهزموا. فلما جمع رسول الله (ص) الغنائم، وأتى الجعرانة، فقسم بها مغانم حنين، وتألف أناسا من الناس فيهم أبو سفيان بن حرب والحرث بن هشام وسهيل بن عمرو والأقرع بن حابس، فقالت الأنصار: حن الرجل إلى