من أراد إضلاله ضيقا عن الاسلام حرجا، كأنما يصعد في السماء. ومعلوم أن شرح الصدر للايمان خلاف تضييقه له، وأنه لو كان توصل بتضييق الصدر عن الايمان إليه لم يكن بين تضييقه عنه وبين شرحه له فرق، ولكان من ضيق صدره عن الايمان قد شرح صدره له ومن شرح صدره له فقد ضيق عنه، إذ كان موصولا بكل واحد منهما، أعني من التضييق والشرح إلى ما يوصل به إلى الآخر. ولو كان ذلك كذلك، وجب أن يكون الله قد كان شرح صدر أبي جهل للايمان به وضيق صدر رسول الله (ص) عنه وهذا القول من أعظم الكفر بالله. وفي فساد ذلك أن يكون كذلك الدليل الواضح على أن السبب الذي به آمن المؤمنون بالله ورسله وأطاعه المطيعون، غير السبب الذي كفر به الكافرون بالله وعصاه العاصون، وأن كلا السببين من عند الله وبيده، لأنه أخبر جل ثناؤه أنه هو الذي يشرح صدر هذا المؤمن به للايمان إذا أراد هدايته، ويضيق صدر هذا الكافر عنه إذا أراد إضلاله.
القول في تأويل قوله تعالى: كأنما يصعد في السماء.
وهذا مثل من الله تعالى ذكره ضربه لقلب هذا الكافر في شدة تضييقه إياه عن وصوله إليه، مثل امتناعه من الصعود إلى السماء وعجزه عنه لان ذلك ليس في وسعه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
10798 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن عطاء الخراساني: كأنما يصعد في السماء يقول: مثله كمثل الذي لا يستطيع أن يصعد في السماء.
حدثني المثنى، قال: ثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن معمر، عن عطاء الخراساني، مثله.
10799 - وبه قال: أخبرنا ابن المبارك، عن ابن جريج قراءة: يجعل صدره ضيقا حرجا بلا إله إلا الله، حتى لا يستطيع أن تدخله، كأنما يصعد في السماء من شدة ذلك عليه.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، مثله.
10800 - حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: كأنما يصعد في السماء من ضيق صدره.
واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء أهل المدينة والعراق: كأنما