يصعد بمعنى: يتصعد، فأدغموا التاء في الصاد، فلذلك شددوا الصاد. وقرأ ذلك بعض الكوفيين: يصاعد بمعنى: يتصاعد، فأدغم التاء في الصاد وجعلها صادا مشددة. وقرأ ذلك بعض قراء المكيين: كأنما يصعد من صعد يصعد. وكل هذه القراءات متقاربات المعاني وبأيها قرأ القارئ فهو مصيب، غير أني أختار القراءة في ذلك بقراءة من قرأه:
كأنما يصعد بتشديد الصاد بغير ألف، بمعنى: يتصعد، لكثرة القراء بها، ولقيل عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما تصعدني شئ ما تصعدتني خطبة النكاح.
القول في تأويل قوله تعالى: كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون.
يقول تعالى ذكره: كما يجعل الله صدر من أراد إضلاله ضيقا حرجا، كأنما يصعد في السماء من ضيقه عن الايمان، فيجزيه بذلك، كذلك يسلط الله الشيطان عليه وعلى أمثاله ممن أبى الايمان بالله ورسوله، فيغويه ويصده عن سبيل الحق.
وقد اختلف أهل التأويل في معنى الرجس، فقال بعضهم: هو كل ما لا خير فيه. ذكر من قال ذلك:
10801 - حدثني محمد بن عمر، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: الرجس: ما لا خير فيه.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون قال: ما لا خير فيه.
وقال آخرون: الرجس: العذاب. ذكر من قال ذلك:
10802 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون قال: الرجس: عذاب الله.
وقال آخرون: الرجس: الشيطان. ذكر من قال ذلك:
10803 - حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: الرجس قال: الشيطان.
وكان بعض أهل المعرفة بلغات العرب من الكوفيين يقول: الرجس والنجس لغتان.
ويحكى عن العرب أنها تقول: ما كان رجسا، ولقد رجس رجاسة، ونجس نجاسة. وكان بعض نحويي البصريين يقول: الرجس والرجز سواء، وهما العذاب.