قال أبو جعفر: والصواب من القراءة عندنا: نعم بفتح العين، لأنها القراءة المستفيضة في قراء الأمصار واللغة المشهورة في العرب.
وأما قوله: فأذن مؤذن بينهم يقول: فنادى مناد، وأعلم معلم بينهم، أن لعنة الله على الظالمين يقول: غضب الله وسخطه وعقوبته على من كفر به. وقد بينا القول في أن إذا صحبت من الكلام ما ضارع الحكاية وليس بصريح الحكاية، بأنها تشددها العرب أحيانا وتوقع الفعل عليها فتفتحها وتخففها أحيانا، وتعمل الفعل فيها فتنصبها به وتبطل عملها عن الاسم الذي يليها فيما مضى، بما أغني عن إعادته في هذا الموضع. وإذ كان ذلك كذلك، فسواء شددت أن أو خففت في القراءة، إذ كان معنى الكلام بأي ذلك قرأ القارئ واحدا، وكانتا قراءتين مشهورتين في قراءة الأمصار. القول في تأويل قوله تعالى:
* (الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون) *.
يقول جل ثناؤه: إن المؤذن بين أهل الجنة والنار يقول: أن لعنة الله على الظالمين الذين كفروا بالله وصدوا عن سبيله. ويبغونها عوجا يقول: حاولوا سبيل الله، وهو دينه، أن يغيروه ويبدلوه عما جعله الله له من استقامته. وهم بالآخرة كافرون يقول:
وهم لقيام الساعة والبعث في الآخرة والثواب والعقاب فيها جاحدون. والعرب تقول للميل في الدين والطريق: عوج، بكسر العين، وفي ميل الرجل على الشئ والعطف عليه:
عاج إليه يعوج عياجا وعوجا وعوجا، بالكسر من العين والفتح، كما قال الشاعر:
قفا نبكي منازل آل ليلى * على عوج إليها وانثناء ذكر الفراء أن أبا الجراح أنشده إياه بكسر العين من عوج فأما ما كان خلقة في الانسان، فإنه يقال فيه: عوج ساقه، بفتح العين. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون) *.
يعني جل ثناؤه بقوله: وبينهما حجاب وبين الجنة والنار حجاب، يقول: حاجز،