ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن قال: ظاهره العرية التي كانوا يعملون بها حين يطوفون بالبيت. وباطنه: الزنا.
والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن الله تعالى ذكره تقدم إلى خلقه بترك ظاهر الاثم وباطنه وذلك سره وعلانيته، والاثم: كل ما عصى الله به من محارمه، وقد يدخل في ذلك سر الزنا وعلانيته، ومعاهرة أهل الرايات وأولات الأخدان منهن، ونكاح حلائل الآباء والأمهات والبنات، والطواف بالبيت عريانا، وكل معصية لله ظهرت أو بطنت. وإذ كان ذلك كذلك، وكان جميع ذلك إثما، وكان الله عم بقوله: وذروا ظاهر الاثم وباطنه جميع ما ظهر من الاثم وجميع ما بطن، لم يكن لاحد أن يخص من ذلك شيئا دون شئ إلا بحجة للعذر قاطعة. غير أنه لو جاز أن يوجه ذلك إلى الخصوص بغير برهان، كان توجيهه إلى أنه عني بظاهر الاثم وباطنه في هذا الموضع: ما حرم الله من المطاعم والمآكل من الميتة والدم، وما بين الله تحريمه في قوله: حرمت عليكم الميتة... إلى آخر الآية، أولى، إذ كان ابتداء الآيات قبلها بذكر تحريم ذلك جرى وهذه في سياقها، ولكنه غير مستنكر أن يكون عنى بها ذلك، وأدخل فيها الامر باجتناب كل ما جانسه من معاصي الله، فخرج الامر عاما بالنهي عن كل ما ظهر أو بطن من الاثم.
القول في تأويل قوله تعالى: إن الذين يكسبون الاثم سيجزون بما كانوا يقترفون.
يقول تعالى ذكره: إن الذين يعملون بما نهاهم الله عنه ويركبون معاصي الله ويأتون ما حرم الله، سيجزون يقول: سيثيبهم الله يوم القيامة بما كانوا في الدنيا يعملون من معاصيه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون) *.
يعني بقوله جل ثناؤه: ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه: لا تأكلوا أيها المؤمنون مما مات فلم تذبحوه أنتم أو يذبحه موحد يدين لله بشرائع شرعها له في كتاب