فقال مجاهد: هو كما قال: يأتيهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم.
زاد ابن حميد، قال: يأتيهم من ثم.
حدثني الحرث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا أبو سعد المدني، قال: قال مجاهد: فذكر نحو حديث محمد بن عمرو، عن أبي عاصم.
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب قول من قال: معناه: ثم لآتينهم من جميع وجوه الحق والباطل، فأصدهم عن الحق وأحسن لهم الباطل وذلك أن ذلك عقيب قوله: لأقعدن لهم صراطك المستقيم فأخبر أنه يقعد لبني آدم على الطريق الذي أمرهم الله أن يسلكوه، وهو ما وصفنا من دين الله الحق، فيأتيهم في ذلك من كل وجوهه من الوجه الذي أمرهم الله به، فيصدهم عنه، وذلك من بين أيديهم وعن أيمانهم، ومن الوجه الذي نهاهم الله عنه، فيزينه لهم ويدعوهم إليه، وذلك من خلفهم وعن شمائلهم. وقيل:
ولم يقل: من فوقهم لان رحمة الله تنزل على عباده من فوقهم. ذكر من قال ذلك:
11182 - حدثنا سعد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري، قال: ثنا حفص بن عمر، قال: ثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس، في قوله: ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولم يقل: من فوقهم، لان الرحمة تنزل من فوقهم.
وأما قوله: ولا تجد أكثرهم شاكرين فإنه يقول: ولا تجد رب أكثر بني آدم شاكرين لك نعمتك التي أنعمت عليهم كتكرمتك أباهم آدم بما أكرمته به، من إسجادك له ملائكتك، وتفضيلك إياه علي، وشكرهم إياه طاعتهم له بالاقرار بتوحيده، واتباع أمره ونهيه. وكان ابن عباس يقول في ذلك بما:
11183 - حدثني به المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: ولا تجد أكثرهم شاكرين يقول: موحدين.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (قال اخرج منها مذؤوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين) *.
وهذا خبر من الله تعالى ذكره، عن إحلاله بالخبيث عدو الله ما أحل به من نقمته ولعنته، وطرده إياه عن جنته، إذ عصاه وخالف أمره، وراجعه من الجواب بما لم يكن له مراجعته به يقول: قال الله له عند ذلك: اخرج منها أي من الجنة مذؤوما مدحورا