ثناؤه أخبر أنهم جعلوا لله من حرثهم وأنعامهم قسما مقدرا، فقالوا: هذا لله، وجعلوا مثله لشركائهم، وهم أوثانهم بإجماع من أهل التأويل عليه، فقالوا: هذا لشركائنا وإن نصيب شركائهم لا يصل منه إلى الله، بمعنى: لا يصل إلى نصيب الله، وما كان لله وصل إلى نصيب شركائهم. فلو كان وصول ذلك بالتسمية وترك التسمية، كان أعيان ما أخبر الله عنه أنهم لم يصل جائزا أن تكون قد وصلت، وما أخبر عنه أنه قد وصل لم يصل، وذلك خلاف ما دل عليه ظاهر الكلام لان الذبيحتين تذبح إحداهما لله والأخرى للآلهة، جائز أن تكون لحومهما قد اختلطت وخلطوها، إذ كان المكروه عندهم تسمية الله على ما كان مذبوحا للآلهة دون اختلاط الأعيان واتصال بعضها ببعض.
وأما قوله: ساء ما يحكمون فإنه خبر من الله جل ثناؤه عن فعل هؤلاء المشركين الذين وصف صفتهم. يقول جل ثناؤه: وقد أساءوا في حكمهم إذ أخذوا من نصيبي لشركائهم ولم يعطوني من نصيب شركائهم. وإنما عنى بذلك تعالى ذكره الخبر عن جهلهم وضلالتهم وذهابهم عن سبيل الحق بأنهم لم يرضوا أن عدلوا بمن خلقهم وغذاهم وأنعم عليهم بالنعم التي لا تحصى ما لا يضرهم ولا ينفعهم، حتى فضلوه في إقسامهم عند أنفسهم بالقسم عليه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون) *.
يقول تعالى ذكره: وكما زين شركاء هؤلاء العادلين بربهم الأوثان والأصنام لهم ما زينوا لهم، من تصييرهم لربهم من أموالهم قسما بزعمهم، وتركهم ما وصل من القسم الذي جعلوه لله إلى قسم شركائهم في قسمهم، وردهم ما وصل من القسم الذي جعلوه لشركائهم إلى قسم نصيب الله إلى قسم شركائهم، كذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم من الشياطين، فحسنوا لهم وأد البنات، ليردوهم يقول:
ليهلكوهم، وليلبسوا عليهم دينهم فعلوا ذلك بهم ليخلطوا عليهم دينهم فيلتبس، فيضلوا ويهلكوا بفعلهم ما حرم عليهم الله. ولو شاء الله أن لا يفعلوا ما كانوا يفعلون من قتلهم لم يفعلوه، بأن كان يهديهم للحق ويوفقهم للسداد، فكانوا لا يقتلونهم، ولكن الله خذلهم عن الرشاد فقتلوا أولادهم وأطاعوا الشياطين التي أغوتهم. يقول الله لنبيه متوعدا