أريد بالأمثال مقامها فقيل: عشر أمثالها، فأخرج العشر مخرج عدد الآيات، والمثل مذكر لا مؤنث، ولكنها لما وضعت موضع الآيات، وكان المثل يقع للمذكر والمؤنث، فجعلت خلفا منها، فعل بها ما ذكرت ومن قال: عندي عشر أمثالها، لم يقل: عندي عشر صالحات، لان الصالحات فعل لا يعد، وإنما تعد الأسماء والمثل اسم، ولذلك جاز العدد به. وقد ذكر عن الحسن البصري أنه كان يقرأ ذلك: فله عشر بالتنوين أمثالها بالرفع، وذلك على وجه صحيح في العربية، غير أن القراء في الأمصار على خلافها، فلا نستجيز خلافها، فيما هي عليه مجتمعة. القول في تأويل قوله تعالى:
* (قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): قل يا محمد لهؤلاء العادلين بربهم الأوثان والأصنام إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم يقول: قل لهم: إنني أرشدني ربي إلى الطريق القويم، هو دين الله الذي ابتعثه به، وذلك الحنيفية المسلمة، فوفقني له. دينا قيما يقول: مستقيما. ملة إبراهيم يقول: دين إبراهيم. حنيفا يقول: مستقيما.
وما كان من المشركين يقول: وما كان من المشركين بالله، يعني: إبراهيم صلوات الله عليه، لأنه لم يكن ممن يعبد الأصنام.
واختلفت القراء في قراءة قوله: دينا قيما فقرأ ذلك عامة قراء المدينة وبعض البصريين: دينا قيما بفتح القاف وتشديد الياء إلحاقا منهم ذلك بقول الله: ذلك الدين القيم وبقوله: ذلك دين القيمة. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين: دينا قيما بكسر القاف وفتح الياء وتخفيفها، وقالوا: القيم والقيم بمعنى واحد، وهم لغتان معناهما:
الدين المستقيم.
والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان مشهورتان في قراءة الأمصار، متفقتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فهو للصواب مصيب، غير أن فتح القاف وتشديد الياء أعجب إلي، لأنه أفصح اللغتين وأشهرهما. ونصب قوله: دينا على المصدر من معنى قوله: