بسم الله الرحمن الرحيم القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شئ قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): يا محمد، أيأس من فلاح هؤلاء العادلين بربهم الأوثان والأصنام. القائلين لك: لئن جئتنا بآية لنؤمنن لك، فإننا لو نزلنا إليهم الملائكة حتى يروها عيانا وكلمهم الموتى بإحيائنا إياهم، حجة لك ودلالة على نبوتك، وأخبروهم أنك محق فيما تقول، وأن ما جئتهم به حق من عند الله، وحشرنا عليهم كل شئ فجعلناهم لك قبلا ما آمنوا ولا صدقوك، ولا اتبعوك إلا أن يشاء الله ذلك لمن شاء منهم. ولكن أكثرهم يجهلون يقول: ولكن أكثر هؤلاء المشركين يجهلون أن ذلك كذلك، يحسبون أن الايمان إليهم والكفر بأيديهم، متى شاءوا آمنوا ومتى شاءوا كفروا. وليس ذلك كذلك، ذلك بيدي، لا يؤمن منهم إلا من هديته له فوفقته، ولا يكفر إلا من خذلته عن الرشد فأضللته.
وقيل: إن ذلك نزل في المستهزئين برسول الله (ص)، وما جاء به من عند الله، من مشركي قريش. ذكر من قال ذلك:
10705 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا حجاج، عن ابن جريج، قال:
نزلت في المستهزئين الذين سألوا النبي (ص) الآية، فقال: قل يا محمد إنما الآيات عند الله، وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون. ونزل فيهم: ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شئ قبلا.
وقال آخرون: إنما قيل: ما كانوا ليؤمنوا يراد به أهل الشقاء، وقيل: إلا أن يشاء الله فاستثنى ذلك من قوله: ليؤمنوا يراد به أهل الايمان والسعادة. ذكر من قال ذلك: