أصابهم حين كفروا قحوط المطر، حتى جهدوا لذلك جهدا شديدا، وذلك أن هودا دعا عليهم، فبعث الله عليهم الريح العقيم، وهي الريح التي لا تلقح الشجر فلما نظروا إليها قالوا: هذا عارض ممطرنا فلما دنت منهم نظروا إلى الإبل والرجال تطير بهم الريح بين السماء والأرض فلما رأوها تنادوا: البيوت فلما دخلوا البيوت دخلت عليهم فأهلكتهم فيها، ثم أخرجتهم من البيوت، فأصابتهم في يوم نحس، والنحس: هو الشؤم، ومستمر: استمر عليهم العذاب سبع ليال وثمانية أيام حسوما، حسمت كل شئ مرت به.
فلما أخرجتهم من البيوت، قال الله: تنزع الناس من البيوت، كأنهم أعجاز نخل منقعر انقعر من أصوله، خاوية: خوت فسقطت. فلما أهلكهم الله، أرسل إليهم طيرا سودا، فنقلتهم إلى البحر فألقتهم فيه، فذلك قوله: فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم ولم تخرج ريح قط إلا بمكيال إلا يومئذ، فإنها عتت على الخزنة فغلبتهم، فلم يعلموا كم كان مكيالها وذلك قوله: فأهلكوا بريح صرصر عاتية والصرصر: ذات الصوت الشديد. القول في تأويل قوله تعالى:
* (قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين) *.
يقول تعالى ذكره: قالت عاد لهود: أجئتنا تتوعدنا بالعقاب من الله على ما نحن عليه من الدين كي نعبد الله وحده وندين له بالطاعة خالصا ونهجر عبادة الآلهة والأصنام التي كان آباؤنا يعبدونها ونتبرأ منها؟ فلسنا فاعلي ذلك ولا متبعيك على ما تدعونا إليه، فأتنا بما تعدنا من العقاب والعذاب على تركنا إخلاص التوحيد لله، وعبادتنا ما نعبد من دونه من الأوثان إن كنت من أهل الصدق على ما تقول وتعد. القول في تأويل قوله تعالى:
* (قال قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب أتجادلوني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما نزل الله بها من سلطان فانتظروا إني معكم من المنتظرين) *.