ينفع نفسه بنافعة ولا يدفع عنها من مكروه نازلة فأحييناه يقول: فهديناه للاسلام، فأنعشناه، فصار يعرف مضار نفسه ومنافعها، ويعمل في خلاصها من سخط الله وعقابه في معاده، فجعل إبصاره الحق تعالى ذكره بعد عماه عنه ومعرفته بوحدانيته وشرائع دينه بعد جهله بذلك حياة وضياء يستضئ به، فيمشي على قصد السبيل ومنهج الطريق في الناس.
كمن مثله في الظلمات لا يدري كيف يتوجه وأي طريق يأخذ لشدة ظلمة الليل وإضلاله الطريق، فكذلك هذا الكافر الضال في ظلمات الكفر لا يبصر رشدا ولا يعرف حقا، يعني في ظلمات الكفر. يقول: أفطاعة هذا الذي هديناه للحق وبصرناه الرشاد كطاعة من مثله مثل من هو في الظلمات متردد لا يعرف المخرج منها في دعاء هذا إلى تحريم ما حرم الله وتحليل ما أحل وتحليل هذا ما حرم الله وتحريمه ما أحل؟.
وقد ذكر أن هذه الآية نزلت في رجلين بأعيانهما معروفين، أحدهما مؤمن، والآخر كافر.
ثم اختلف أهل التأويل فيهما، فقال بعضهم: أما الذي كان ميتا فأحياه الله فعمر بن الخطاب رضي الله عنه وأما الذي مثله في الظلمات ليس بخارج منها: فأبو جهل بن هشام. ذكر من قال ذلك:
10772 - حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: أخبرنا سليمان بن أبي هوذة، عن شعيب السراج، عن أبي سنان عن الضحاك، في قوله: أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس قال: عمر بن الخطاب رضي الله عنه. كمن مثله في الظلمات قال: أبو جهل بن هشام.
وقال آخرون: بل الميت الذي أحياه الله عمار بن ياسر رضي الله عنه وأما الذي مثله في الظلمات ليس بخارج منها: فأبو جهل بن هشام. ذكر من قال ذلك:
10773 - حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن بشر بن تيم، عن رجل، عن عكرمة: أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس قال: نزلت في عمار بن ياسر.
10774 - حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن الزبير، عن ابن عيينة، عن بشر، عن تيم، عن عكرمة: أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس عمار بن ياسر. كمن مثله في الظلمات أبو جهل بن هشام.