خبره عن رسل الجن بمعنى أنهم رسل الانس، جاز أن يكون خبره عن رسل الانس بمعنى أنهم رسل الجن. قالوا: وفي فساد هذا المعنى ما يدل على أن الخبرين جميعا بمعنى الخبر عنهم أنهم رسل الله، لان ذلك هو المعروف في الخطاب دون غيره القول في تأويل قوله تعالى: قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين.
وهذا خبر من الله جل ثناؤه عن قول مشركي الجن والإنس عند تقريعه إياهم بقوله لهم ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا أنهم يقولون شهدنا على أنفسنا بأن رسلك قد أتتنا بآياتك، وأنذرتنا لقاء يومنا هذا، فكذبناها وجحدنا رسالتها، ولم نتبع آياتك ولم نؤمن بها. قال الله خبرا مبتدأ: وغرت هؤلاء العادلين بالله الأوثان والأصنام وأولياءهم من الجن، الحياة الدنيا يعني: زنية الحياة الدنيا وطلب الرياسة فيها والمنافسة عليها، أن يسلموا لأمر الله فيطيعوا فيها رسله، فاستكبروا وكانوا قوما عالين. فاكتفى بذكر الحياة الدنيا من ذكر المعاني التي غرتهم وخدعتهم فيها، إذ كان في ذكرها متكفى عن ذكر غيرها لدلالة الكلام على ما ترك ذكره، يقول الله تعالى: وشهدوا على أنفسهم يعني هؤلاء العادلين به يوم القيامة أنهم كانوا في الدنيا كافرين به وبرسله، لتتم حجة الله عليهم بإقرارهم على أنفسهم بما يوجب عليهم عقوبته وأليم عذابه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون) *.
يقول تعالى ذكره: ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم: أي إنما أرسلنا الرسل يا محمد إلى من وصفت أمره، وأعلمتك خبره من مشركي الإنس والجن يقصون عليهم آياتي وينذرونهم لقاء معادهم إلي، من أجل أن ربك لم يكن مهلك القرى بظلم.
وقد يتجه من التأويل في قوله: بظلم وجهان: أحدهما: ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم: أي بشرك من أشرك، وكفر من كفر من أهلها، كما قال لقمان: إن الشرك لظلم عظيم. وأهلها غافلون يقول: لم يكن يعاجلهم بالعقوبة حتى يبعث