كفروا بالله: قال الملا الذين كفروا يعني الذين جحدوا توحيد الله، وأنكروا رسالة هود إليهم: إنا لنراك يا هود في سفاهة يعنون في ضلالة عن الحق والصواب، بتركك ديننا وعبادة آلهتنا. وإنا لنظنك من الكاذبين في قيلك إني رسول من رب العالمين. قال يا قوم ليس بي سفاهة: يقول: أي ضلالة عن الحق والصواب، ولكني رسول من رب العالمين أرسلني، فأنا أبلغكم رسالات ربي وأؤديها إليكم كما أمرني أن أؤديها. القول في تأويل قوله تعالى:
* (أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين ئ أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون) *.
يعني بقوله: أبلغكم رسالات ربي: أؤدي ذلك إليكم أيها القوم. وأنا لكم ناصح: يقول: وأنا لكم في أمري إياكم بعبادة الله دون ما سواه من الأنداد والآلهة، ودعائكم إلى تصديقي فيما جئتكم به من عند الله، ناصح، فاقبلوا نصيحتي، فإني أمين على وحي الله وعلى ما ائتمنني الله عليه من الرسالة، لا أكذب فيه ولا أزيد ولا أبدل، بل أبلغ ما أمرت به كما أمرت. أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم يقول: أو عجبتم أن أنزل الله وحيه بتذكيركم وعظتكم على ما أنتم عليه مقيمون من الضلالة، على رجل منكم، لينذركم بأس الله ويخوفكم عقابه. واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح يقول: فاتقوا الله في أنفسكم، واذكروا ما حل بقوم نوح من العذاب إذ عصوا رسولهم وكفروا بربهم، فإنكم إنما جعلكم ربكم خلفاء في الأرض منهم، لما أهلكهم أبدلكم منهم فيها، فاتقوا الله أن يحل بكم نظير ما حل بهم من العقوبة فيهلككم ويبدل منكم غيركم، سنته في قوم نوح قبلكم على معصيتكم إياه وكفركم به. وزادكم في الخلق بسطة: زاد في أجسامكم طولا وعظما على أجسام قوم نوح، وفي قوامكم على قوامهم، نعمة منه بذلك عليكم، فاذكروا نعمه وفضله الذي فضلكم به عليهم في أجسامكم وقوامكم، واشكروا الله على ذلك بإخلاص العبادة له وترك الاشراك به وهجر الأوثان والأنداد. لعلكم تفلحون يقول: كي تفلحوا، فتدركوا الخلود والبقاء في النعيم في الآخرة، وتنجحوا في طلباتكم عنده.