وهذا القول الذي ذكرناه عن مجاهد قول لا معنى له، لان قول القائلين: فما كان لكم علينا من فضل، لمن قالوا ذلك إنما هو توبيخ منهم على ما سلف منهم قبل تلك الحال، يدل على ذلك دخول كان في الكلام، ولو كان ذلك منهم توبيخا لهم على قيلهم الذي قالوا لربهم: آتهم عذابا ضعفا من النار، لكان التوبيخ أن يقال: فما لكم علينا من فضل في تخفيف العذاب عنكم وقد نالكم من العذاب ما قد نالنا. ولم يقل: فما كان لكم علينا من فضل. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط وكذلك نجزي المجرمين) *.
يقول تعالى ذكره: إن الذين كذبوا بحججنا وأدلتنا فلم يصدقوا بها ولم يتبعوا رسلنا، واستكبروا عنها يقول: وتكبروا عن التصديق بها وأنفوا من اتباعها والانقياد لها تكبرا، لا تفتح لهم لأرواحهم إذا خرجت من أجسادهم أبواب السماء، ولا يصعد لهم في حياتهم إلى الله قول ولا عمل، لان أعمالهم خبيثة. وإنما يرفع الكلم الطيب والعمل الصالح، كما قال جل ثناؤه: إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه.
ثم اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: لا تفتح لهم أبواب السماء فقال بعضهم:
معناه: لا تفتح لأرواح هؤلاء الكفار أبواب السماء. ذكر من قال ذلك:
11343 - حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يعلى، عن أبي سنان، عن الضحاك، عن ابن عباس: لا تفتح لهم أبواب السماء قال: عنى بها الكفار أن السماء لا تفتح لأرواحهم وتفتح لأرواح المؤمنين.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو معاوية، عن أبي سنان، عن الضحاك، قال: قال ابن عباس: تفتح السماء لروح المؤمن، ولا تفتح لروح الكافر.
11344 - حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: لا تفتح لهم أبواب السماء قال: إن الكافر إذا أخذ روحه ضربته ملائكة الأرض حتى يرتفع إلى السماء، فإذا بلغ السماء الدنيا ضربته ملائكة السماء فهبط، فضربته ملائكة الأرض فارتفع، فإذا بلغ السماء الدنيا ضربته ملائكة السماء الدنيا، فهبط إلى أسفل