يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين قال: نسلط ظلمة الجن على ظلمة الانس.
وأولى هذه الأقوال في تأويل ذلك بالصواب، قول من قال: معناه: وكذلك نجعل بعض الظالمين لبعض أولياء. لان الله ذكر قبل هذه الآية ما كان من قول المشركين، فقال جل ثناؤه: وقال أولياؤهم من الانس ربنا استمتع بعضنا ببعض، وأخبر جل ثناؤه أن بعضهم أولياء بعض، ثم عقب خبره ذلك بخبره عن أن ولاية بعضهم بعضا بتوليته إياهم، فقال: وكما جعلنا بعض هؤلاء المشركين من الجن والإنس أولياء بعض يستمتع بعضهم ببعض، كذلك نجعل بعضهم أولياء بعض في كل الأمور بما كانوا يكسبون من معاصي الله ويعملونه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين) *.
وهذا خبر من الله جل ثناؤه عما هو قائل يوم القيامة لهؤلاء العادلين به من مشركي الإنس والجن، يخبر أنه يقول لهم تعالى ذكره يومئذ: يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي يقول: يخبرونكم بما أوحي إليهم من تنبيهي إياكم على مواضع حججي وتعريفي لكم أدلتي على توحيدي، وتصديق أنبيائي، والعمل بأمري والانتهاء إلى حدودي. وينذرونكم لقاء يومكم هذا يقول: يحذرونكم لقاء عذابي في يومكم هذا وعقابي على معصيتكم إياي، فتنتهوا عن معاصي. وهذا من الله جل ثناؤه تقريع وتوبيخ لهؤلاء الكفرة على ما سلف منهم في الدنيا من الفسوق والمعاصي، ومعناه: قد أتاكم رسل منكم ينبهونكم على خطأ ما كنتم عليه مقيمين بالحجج البالغة، وينذرونكم وعيد الله على مقامكم على ما كنتم عليه مقيمين، فلم تقبلوا ذلك ولم تتذكروا ولم تعتبروا.
واختلف أهل التأويل في الجن، هل أرسل منهم إليهم أم لا؟ فقال بعضهم: قد أرسل إليه رسل كما أرسل إلى الانس منهم رسل. ذكر من قال ذلك: