عن أرضهم من بين أظهرهم لان الله تعالى ذكره أوحى إليه: إني مهلكهم بعد ثلاثة.
وقيل: إنه لم تهلك أمة ونبيها بين أظهرها، فأخبر الله جل ثناؤه عن خروج صالح من بين قومه الذين عتوا على ربهم حين أراد الله إحلال عقوبته بهم، فقال: فتولى عنهم صالح، وقال لقومه ثمود: لقد أبلغتكم رسالة ربي، وأديت إليكم ما أمرني بأدائه إليكم ربي من أمره ونهيه، ونصحت لكم في أدائي رسالة الله إليكم في تحذيركم بأسه بإقامتكم على كفركم به وعبادتكم الأوثان، ولكن لا تحبون الناصحين لكم في الله الناهين لكم عن اتباع أهوائكم الصادين لكم عن شهوات أنفسكم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين) *.
يقول تعالى ذكره: ولقد أرسلنا لوطا. ولو قيل: معناه: واذكر لوطا يا محمد إذ قال لقومه إذ لم يكن في الكلام صلة الرسالة كما كان في ذكر عاد وثمود كان مذهبا.
وقوله: إذ قال لقومه يقول: حين قال لقومه من سدوم، وإليهم كان أرسل لوط:
أتأتون الفاحشة، وكانت فاحشتهم التي كانوا يأتونها التي عاقبهم الله عليها: إتيان الذكور. ما سبقكم بها من أحد من العالمين يقول: ما سبقكم بفعل هذه الفاحشة أحد من العالمين. وذلك كالذي:
11515 - حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا إسماعيل بن علية، عن ابن أبي نجيح، عن عمرو بن دينار، قوله: ما سبقكم بها من أحد من العالمين قال: ما رؤي ذكر على ذكر حتى كان قوم لوط. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون) *.
يخبر بذلك تعالى ذكره عن لوط أنه قال لقومه، توبيخا منه لهم على فعلهم: إنكم أيها القوم لتأتون الرحال في أدبارهم، شهوة منكم لذلك، من دون الذي أباحه الله لكم وأحله من النساء بل أنتم قوم مسرفون يقول: إنكم لقوم تأتون ما حرم الله عليكم وتعصونه بفعلكم هذا، وذلك هو الاسراف في هذا الموضع. والشهوة: الفعلة، وهي مصدر من قول القائل: شهيت هذا الشئ أشهاه شهوة ومن ذلك قول الشاعر: