القول في تأويل قوله تعالى: ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا.
يقول تعالى ذكره: ومن أراد الله إضلاله عن سبيل الهدى يشغله بكفره وصده عن سبيله، ويجعل صدره بخذلانه وغلبة الكفر عليه حرجا. والحرج: أشد الضيق، وهو الذي لا ينفذ من شدة ضيقه، وهو ههنا الصدر الذي لا تصل إليه الموعظة ولا يدخله نور الايمان لرين الشرك عليه. وأصله من الحرج، والحرج جمع حرجة: وهي الشجرة الملتف بها الأشجار، لا يدخل بينها وبينها شئ لشدة التفافها بها. كما:
10790 - حدثني المثنى، قال: ثنا الحجاج بن المنهال، قال: ثنا هشيم، قال: ثنا عبد الله بن عمار رجل من أهل اليمن، عن أبي الصلت الثقفي: أن عمر بن الخطاب رحمة الله عليه قرأ هذه الآية: ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا بنصب الراء. قال:
وقرأ بعض من عنده من أصحاب رسول الله (ص) ضيقا حرجا. قال صفوان: فقال عمر:
ابغوني رجلا من كنانة واجعلوه راعيا، وليكن مدلجيا قال: فأتوه به، فقال له عمر:
يا فتى ما الحرجة؟ قل: الحرجة فينا: الشجرة تكون بين الأشجار التي لا تصل إليها راعية ولا وحشية ولا شئ. قال: فقال عمر: كذلك قلب المنافق لا يصل إليه شئ من الخير.
10791 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا يقول: من أراد الله أن يضله يضيق عليه صدره حتى يجعل الاسلام عليه ضيقا والإسلام واسع، وذلك حين يقول: وما جعل عليكم في الدين من حرج يقول: ما جعل عليكم في الاسلام من ضيق.
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: شاكا. ذكر من قال ذلك:
10792 - حدثنا عمران بن موسى، قال: ثنا عبد الوارث بن سعيد، قال: ثنا حميد، عن مجاهد: ضيقا حرجا قال: شاكا.
10793 - حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: ضيقا حرجا أما حرجا: فشاكا.