المكذبين بالبعث بعد الممات، المنكرين للثواب والعقاب: ضربت لكم أيها القوم هذا المثل الذي ذكرت لكم من إحياء البلد الميت بقطر المطر الذي يأتي به السحاب، الذي تنشره الرياح التي وصفت صفتها لتعتبروا فتذكروا وتعلموا أن من كان ذلك من قدرته فيسير في إحياء الموتى بعد فنائها وإعادتها خلقا سويا بعد دروسها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
11474 - حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قوله: كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون وكذلك تخرجون، وكذلك النشور، كما نخرج الزرع بالماء.
وقال أبو هريرة: إن الناس إذا ماتوا في النفخة الأولى أمطر عليهم من ماء تحت العرش يدعى ماء الحيوان أربعين سنة فينبتون كما ينبت الزرع من الماء، حتى إذا استكملت أجسامهم نفخ فيهم الروح، ثم يلقي عليهم نومة، فينامون في قبورهم، فإذا نفخ في الصور الثانية، عاشوا وهم يجدون طعم النوم في رؤوسهم وأعينهم، كما يجد النائم حين يستيقظ من نومه، فعند ذلك يقولون: يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا فناداهم المنادي هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون.
11475 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: كذلك نخرج الموتى قال: إذا أراد الله أن يخرج الموتى أمطر السماء حتى تتشقق عنهم الأرض، ثم يرسل الأرواح فتعود كل روح إلى جسدها، فكذلك يحيي الله الموتى بالمطر كإحيائه الأرض. القول في تأويل قوله تعالى: * (والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون) *.
يقول تعالى ذكره: والبلد الطيبة تربته العذبة مشاربه، يخرج نباته إذا أنزل الله الغيث وأرسل عليه الحيا بإذنه طيبا ثمره في حينه ووقته. والذي خبث فردأت تربته وملحت مشاربه، لا يخرج نباته إلا نكدا يقول: إلا عسرا في شدة، كما قال الشاعر: