يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): قل يا محمد لهؤلاء العادلين بربهم الأوثان والأصنام المحرمين ما هم له محرمون من الحروث والانعام، القائلين: لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شئ ولكن رضي منا ما نحن عليه من الشرك وتحريم ما نحرم: هل عندكم بدعواكم ما تدعون على الله من رضاه بإشراككم في عبادته ما تشركون وتحريمكم من أموالكم ما تحرمون علم يقين من خبر من يقطع خبره العذر، أو حجة توجب لنا اليقين من العلم فتخرجوه لنا؟ يقول: فتظهروا ذلك لنا وتبينوه، كما بينا لكم مواضع خطأ قولكم وفعلكم، وتناقض ذلك واستحالته في المعقول والمسموع. إن تتبعون إلا الظن يقول له: قل لهم: إن تقولون ما تقولون أيها المشركون وتعبدون من الأوثان والأصنام ما تعبدون وتحرمون من الحروث والانعام ما تحرمون إلا ظنا وحسبانا أنه حق، وأنكم على حق وهو باطل، وأنتم على باطل. وإن أنتم إلا تخرصون يقول: وإن أنتم، وما أنتم في ذلك كله إلا تخرصون، يقول: إلا تتقولون الباطل على الله ظنا بغير يقين علم ولا برهان واضح. القول في تأويل قوله تعالى:
* (قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): قل يا محمد لهؤلاء العادلين بربهم الأوثان والأصنام، القائلين على ربهم الكذب في تحريمهم ما حرموا من الحروث والانعام، إن عجزوا عن إقامة الحجة عند قيلك لهم: هل عندكم من علم بما تدعون على ربكم فتخرجوه لنا، وعن اخراج علم ذلك لك وإظهاره، وهم لا شك عن ذلك عجزة، وعن إظهاره مقصرون، لأنه باطل لا حقيقة له. فلله الذي حرم عليكم أن تشركوا به شيئا، وأن تتبعوا خطوات الشيطان في أموالكم من الحروث والانعام، الحجة البالغة دونكم أيها المشركون. ويعني بالبالغة: أنها تبلغ مراده في ثبوتها على من احتج بها عليه من خلقه، وقطع عذره إذا انتهت إليه فيما جعلت حجة فيه. فلو شاء لهداكم أجمعين يقول: فلو شاء ربكم لوفقكم أجمعين للاجماع على إفراده بالعبادة والبراءة من الأنداد والآلهة والدينونة، بتحريم ما حرم الله وتحليل ما حلله الله، وترك اتباع خطوات الشيطان، وغير ذلك من طاعاته. ولكنه لم يشأ ذلك، فخالف بين خلقه فيما شاء منهم، فمنهم كافر ومنهم مؤمن.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: