يقول تعالى ذكره: ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا. وثمود: هو ثمود بن عابر بن إرم بن سام بن نوح، وهو أخو جديس بن عابر، وكانت مساكنهما الحجر بين الحجاز والشام إلى وادي القرى وما حوله. ومعنى الكلام: وإلى بني ثمود أخاهم صالحا.
وإنما منع ثمود، لان ثمود قبيلة كما بكر قبيلة، وكذلك تميم. قال: يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره يقول: قال صالح لثمود: يا قوم اعبدوا الله وحده لا شريك له، فما لكم إله يجوز أن تعبدوه غيره، وقد جاءتكم حجة وبرهان على صدق ما أقول وحقيقة ما إليه أدعو من إخلاص التوحيد لله وإفراده بالعبادة دون ما سواه وتصديقي على أني له رسول وبينتي على ما أقول وحقيقة ما جئتكم به من عند ربي، وحجتي عليه هذه الناقة التي أخرجها الله من هذه الهضبة دليلا على نبوتي وصدق مقالتي، فقد علمتم أن ذلك من المعجزات التي لا يقدر على مثلها أحد إلا الله. وإنما استشهد صالح فيما بلغني على صحة نبوته عند قومه ثمود بالناقة لأنهم سألوه إياها آية ودلالة على حقيقة قوله.
ذكر من قال ذلك، وذكر سبب قتل قوم صالح الناقة:
11498 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا إسرائيل، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي الطفيل، قال: قالت ثمود لصالح: ائتنا بآية إن كنت من الصادقين قال: فقال لهم صالح: اخرجوا إلى هضبة من الأرض فخرجوا، فإذا هي تتمخض كما تتمخض الحامل. ثم إنها انفرجت، فخرجت من وسطها الناقة، فقال صالح: هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم لها شرب ولكم شرب يوم معلوم فلما ملوها عقروها، فقال لهم: تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب. قال عبد العزيز، وحدثني رجل آخر أن صالحا قال لهم: إن آية العذاب أن تصبحوا غدا حمرا، واليوم الثاني صفرا، واليوم الثالث سودا. قال: فصبحهم العذاب، فلما رأوا ذلك تحنطوا واستعدوا.
11499 - حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: وإلى ثمود أخاهم صالحا قال: إن الله بعث صالحا إلى ثمود،