فإن قال قائل: فكانت امرأة لوط ممن نجا من الهلاك الذي هلك به قوم لوط؟ قيل:
لا، بل كانت فيمن هلك. فإن قال: فكيف قيل: إلا امرأته كانت من الغابرين وقد قلت إن معنى الغابر الباقي، فقد وجب أن تكون قد بقيت؟ قيل: إن معنى ذلك غير الذي ذهبت إليه وإنما عنى بذلك: إلا مرأته كانت من الباقين قبل الهلاك والمعمرين الذين قد أتى عليهم دهر كبير ومر بهم زمن كثير، حتى هرمت فيمن هرم من الناس، فكانت ممن غبر الدهر الطويل قبل هلاك القوم، فهلكت مع من هلك من قوم لوط حين جاءهم العذاب.
وقيل: معنى ذلك: من الباقين في عذاب الله. ذكر من قال ذلك:
11520 - حدثني محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: إلا عجوزا في الغابرين: في عذاب الله. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين) *.
يقول تعالى ذكره: وأمطرنا على قوم لوط الذين كذبوا لوطا ولم يؤمنوا به مطرا من حجارة من سجيل أهلكناهم به. فانظر كيف كان عاقبة المجرمين يقول جل ثناؤه:
فانظر يا محمد إلى عاقبة هؤلاء الذين كذبوا الله ورسوله من قوم لوط، فاجترموا معاصي الله وركبوا الفواحش واستحلوا ما حرم الله من أدبار الرجال، كيف كانت وإلى أي شئ صارت هل كانت إلا البوار والهلاك؟ فإن ذلك أو نظيره من العقوبة، عاقبة من كذبك واستكبر عن الايمان بالله وتصديقك إن لم يتوبوا، من قومك. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين) *.
يقول تعالى ذكره: وأرسلنا إلى ولد مدين. ومدين: هم ولد مدين بن إبراهيم خليل الرحمن، فيما:
11521 - حدثنا به ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق.