إن كنتم بحجج الله التي أتتكم وإعلامه بإحلال ما أحللت لكم وتحريم ما حرمت عليكم من المطاعم والمآكل مصدقين، ودعوا عنكم زخرف ما توحيه الشياطين بعضها إلى بعض من زخرف القول لكم وتلبيس دينكم عليكم غرورا. وكان عطاء يقول في ذلك ما:
10736 - حدثنا به محمد بن بشار ومحمد بن المثنى، قالا: ثنا أبو عاصم، قال:
أخبرنا ابن جريج، قال: قلت لعطاء: قوله: فكلوا مما ذكر اسم الله عليه قال: يأمر بذكر اسمه على الشراب والطعام والذبح، وكل شئ يدل على ذكره يأمر به. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم إن ربك هو أعلم بالمعتدين) *.
اختلف أهل العلم بكلام العرب في تأويل قوله: وما لكم أن لا تأكلوا فقال بعض نحويي البصريين: معنى ذلك: وأي شئ لكم في أن لا تأكلوا، قال: وذلك نظير قوله:
وما لنا أن لا نقاتل يقول: أي شئ لنا في ترك القتال؟ قال: ولو كانت لا زائدة لا يقع الفعل، ولو كانت في معنى: وما لنا وكذا، لكانت: وما لنا وأن لا نقاتل. وقال غيره: إنما دخلت لا للمنع، لان تأويل ما لك، وما منعك واحد، ما منعك لا تفعل ذلك، وما لك لا تفعل واحد، فلذلك دخلت لا. قال: وهذا الموضع تكون فيه لا وتكون فيه أن مثل قوله: يبين الله لكم أن تضلوا وأن لا تضلوا: يمنعكم من الضلال بالبيان.
وأولى القولين في ذلك بالصواب عندي قول من قال: معنى قوله: وما لكم في هذا الموضع: وأي شئ يمنعكم أن تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه، وذلك أن الله تعالى ذكره تقدم إلى المؤمنين بتحليل ما ذكر اسم الله عليه وإباحة أكل ما ذبح بدينه أو دين من كان يدين ببعض شرائع كتبه المعروفة، وتحريم ما أهل به لغيره من الحيوان، وزجرهم عن الاصغاء لما يوحي الشياطين بعضهم إلى بعض من زخرف القول في الميتة، والمنخنقة، والمتردية، وسائر ما حرم الله من المطاعم. ثم قال: وما يمنعكم من أكل ما ذبح بديني الذي ارتضيته،