وقال آخرون منهم: بل هو بمعنى الاثم من قولهم: فلان آثم حرج. وذكر عن العرب سماعا منها: حرج عليك ظلمي، بمعنى: ضيق وإثم.
والقول عندي في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان ولغتان مستفيضتان بمعنى واحد، وبأيتهما قرأ القارئ فهو مصيب لاتفاق معنييهما، وذلك كما ذكرنا من الروايات عن العرب في الوحد والفرد بفتح الحاء من الوحد والراء من الفرد وكسرهما بمعنى واحد. وأما الضيق، فإن عامة القراء على فتح ضاده وتشديد يائه، خلا بعض المكيين فإنه قرأه: ضيقا بفتح الضاد وتسكين الياء وتخفيفه. وقد يتجه لتسكينه ذلك وجهان: أحدهما أن يكون سكنه وهو ينوي معنى التحريك والتشديد، كما قيل: هين لين، بمعنى: هين لين. والآخر أن يكون سكنه بنية المصدر من قولهم: ضاق هذا الامر يضيق ضيقا، كما قال رؤبة:
وقد علمنا عند كل مأزق * ضيق بوجه الامر أي مضيق ومنه قول الله: ولا تك في ضيق مما يمكرون. وقال رؤبة أيضا:
وشفها اللوح بمأزول ضيق بمعنى: ضيق. وحكي عن الكسائي أنه كان يقول: الضيق بالكسر: في المعاش والموضع، وفي الامر الضيق.
وفي هذه الآية أبين البيان لمن وفق لفهمها عن أن السبب الذي به توصل إلى الايمان والطاعة غير السبب الذي به توصل إلى الكفر والمعصية، وأن كلا السببين من عند الله وذلك أن الله جل ثناؤه أخبر عن نفسه أنه يشرح صدر من أراد هدايته للاسلام، ويجعل صدر