أسباط، عن السدي، قال: كانت اليهود يقولون: إنما حرمه إسرائيل يعني: الثرب وشحم الكليتين فنحن نحرمه، فذلك قوله: فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين. القول في تأويل قوله تعالى:
* (سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شئ كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون) *.
يقول جل ثناؤه: سيقول الذين أشركوا وهم العادلون بالله الأوثان والأصنام من مشركي قريش: لو شاء الله ما أشركنا يقول: قالوا احتجازا من الاذعان للحق بالباطل من الحجة لما تبين لهم الحق، وعلموا باطل ما كانوا عليه مقيمين من شركهم، وتحريمهم ما كانوا يحرمون من الحروث والانعام، على ما قد بين تعالى ذكره في الآيات الماضية قبل ذلك: وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والانعام نصيبا وما بعد ذلك: لو أراد الله منا الايمان به وإفراده بالعبادة دون الأوثان والآلهة وتحليل ما حرم من البحائر والسوائب وغير ذلك من أموالنا، ما جعلنا لله شريكا، ولا جعل ذلك له آباؤنا من قبلنا، ولا حرمنا ما نحرمه من هذه الأشياء التي نحن على تحريمها مقيمون لأنه قادر على أن يحول بيننا وبين ذلك، حتى لا يكون لنا إلى فعل شئ من ذلك سبيل، إما بأن يضطرنا إلى الايمان وترك الشرك به وإلى القول بتحليل ما حرمنا وإما بأن يلطف بنا بتوفيقه فنصير إلى الاقرار بوحدانيته وترك عبادة ما دونه من الأنداد والأصنام، وإلى تحليل ما حرمنا. ولكنه رضي منا ما نحن عليه من عبادة الأوثان والأصنام، واتخاذ الشريك له في العبادة والأنداد، وأراد ما نحرم من الحروث والانعام، فلم يحل بيننا وبين ما نحن عليه من ذلك. قال الله مكذبا لهم في قيلهم:
إن الله رضي منا ما نحن عليه من الشرك وتحريم ما نحرم، ورادا عليهم باطل ما احتجوا به من حجتهم في ذلك: كذلك كذب الذين من قبلهم يقول: كما كذب هؤلاء المشركون يا محمد ما جئتهم به من الحق والبيان، كذب من قبلهم من فسقة الأمم الذين طغوا على ربهم ما جاءتهم به أنبياؤهم من آيات الله وواضح حججه، وردوا عليهم نصائحهم. حتى ذاقوا بأسنا يقول: حتى أسخطونا فغضبنا عليهم، فأحللنا بهم بأسنا فذاقوه، فعطبوا بذوقهم إياه، فخابوا وخسروا الدنيا والآخرة، يقول: وهؤلاء الآخرون، مسلوك بهم