سبيلهم، إن هم لم ينيبوا فيؤمنوا ويصدقوا بما جئتهم به من عند ربهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
10992 - حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا وقال:
كذلك كذب الذين من قبلهم، ثم قال: ولو شاء الله ما أشركوا فإنهم قالوا: عبادتنا الآلهة تقربنا إلى الله زلفى. فأخبرهم الله أنها لا تقربهم، وقوله: ولو شاء الله ما أشركوا يقول الله سبحانه: لو شئت لجمعتهم على الهدى أجمعين.
10993 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ولا حرمنا من شئ قال: قول قريش، يعني: إن الله حرم هذه البحيرة والسائبة.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ولا حرمنا من شئ قول قريش بغير يقين: إن الله حرم هذه البحيرة والسائبة.
فإن قال قائل: وما برهانك على أن الله تعالى إنما كذب من قيل هؤلاء المشركين قوله: رضى الله منا عبادة الأوثان، وأراد منا تحريم ما حرمنا من الحروث والانعام، دون أن يكون تكذيبه إياهم كان على قولهم: لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شئ وعلى وصفهم إياه بأنه قد شاء شركهم وشرك آبائهم، وتحريمهم ما كانوا يحرمون؟ قيل: له الدلالة على ذلك، قوله: كذلك كذب الذين من قبلهم فأخبر جل ثناؤه عنهم أنهم سلكوا في تكذيبهم نبيهم محمدا (ص) فيما آتاهم به من عند الله من النهي عن عبادة شئ غير الله تعالى، وتحريم غير ما حرم الله في كتابه وعلى لسان رسوله مسلك أسلافهم من الأمم الخالية المكذبة لله ورسوله. والتكذيب منهم إنما كان لمكذب، ولو كان ذلك خبرا من الله عن كذبهم في قيلهم: لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا لقال: كذلك كذب الذين من قبلهم بتخفيف الذال، وكان ينسبهم في قيلهم ذلك إلى الكذب على الله لا إلى التكذيب.
مع علل كثيرة يطول بذكرها الكتاب، وفيما ذكرنا كفاية لمن وفق لفهمه.
القول في تأويل قوله تعالى: قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون.