وبعد بعثة النبي صلى الله عليه وآله وإسلام العرب انتهى دور الكهان بشكل عام لأنهم رجال دين الوثنية التي انتهت..
أما دور الأحبار والرهبان فلم ينته في الحس العام للعرب! بل قد تعزز في حس بعضهم فلم يكونوا يرون بأسا بالاستفادة من علماء أهل الكتاب، خاصة فيما فاتهم أن يسألوا عنه النبي صلى الله عليه وآله! ولم أجد استثناء من هذه الظاهرة إلا الأئمة من أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله!
ومن الممكن أن يكون عند الأحبار والرهبان في ذلك الزمان أثارة من علم وبقايا ورثوها من الأنبياء والأوصياء السابقين، ولكنها في الغالب مشوبة ومحرفة لا يمكن الوثوق بها..
وقد كان الخليفة عمر في علاقاته مع أهل الكتاب مهتما بهذا الجانب، قبل الإسلام وبعده، فكان يسألهم عما يجدونه عندهم عن النبي وأمته، وعمن يحكم هذه الأمة بعد نبيها، والأخطار التي تهدد مستقبلها وبقاءها..
بل كان وهو خليفة يروي قصة الراهب الذي تنبأ له بأنه سيحكم العرب ويفتح الشام، قال ابن جزي في التسهيل لعلوم القرآن ج 1 ص 323 (ومن حديث زيد بن أسلم عن أبيه وهو عندنا بالإسناد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج زمان الجاهلية مع ناس من قريش في التجارة إلى الشام، قال فإني لفي سوق من أسواقها إذا أنا ببطريق قد قبض على عنقي فذهبت أنازعه فقيل لي لا تفعل فإنه لا نصيف لك منه!
فأدخلني كنيسة فإذا تراب عظيم ملقى فجاءني بزنبيل ومجرفة فقال لي أنقل ما ههنا!
فجعلت أنظر كيف أصنع، فلما كان من الهاجرة وافاني وعليه ثوب أرى سائر جسده منه، فقال أئنك على ما أرى ما نقلت شيئا، ثم جمع يديه فضرب بهما دماغي!
فقلت: واثكل أمك يا عمر أبلغت ما أرى؟! ثم وثبت إلى المجرفة فضربت بها هامته فنشرت دماغه ثم واريته في التراب وخرجت على وجهي لا أدري أين أسير فسرت بقية يومي وليلتي من الغد إلى الهاجرة فانتهيت إلى دير فاستظللت فناءه، فخرج إلي رجل منه فقال لي: يا عبد الله ما يقعدك هنا؟ فقلت أضللت أصحابي، فقال لي ما