بالصلاة جامعة فقالت الأنصار: أغضب نبيكم، السلاح! فجاؤوا حتى أحدقوا بمنبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أيها الذين آمنوا إني قد أوتيت جوامع الكلم وخواتيمه واختصر لي اختصارا، ولقد أتيتكم بها بيضاء نقية فلا تتهوكوا ولا يغرنكم المتهوكون! قال عمر رضي الله عنه فقمت فقلت: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبك رسولا. ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم!!) انتهى، ورواه في كنز العمال ج 1 ص 371 ورمز له (ع، وابن المنذر وابن أبي حاتم، عق، ونصر المقدسي، ص، في الحجة. وله طريق ثان في المراسيل) ورواه في مجمع الزوائد ج 1 ص 173، وقال (رواه أبو يعلى وفيه عبد الرحمن بن إسحاق ضعفه أحمد وجماعة ويأتي الحديث بقصته وتمامه في باب الاقتداء بالسلف).
وفي لسان الميزان ج 2 ص 408 (... عن عمر رضي الله عنه قال انتسخت كتابا من أهل الكتاب فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم في يدي فقال ما هذا الكتاب يا عمر؟ قلت انتسخته من أهل الكتاب لنزداد به علما إلى علمنا، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاؤوا حتى أحدقوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني أوتيت جوامع الكلم وخواتمه ولقد أتيتكم بها بيضاء نقية فلا تهيلوا ولا يغرنكم المتهيلون. فقال عمر رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبك رسولا) انتهى.
من مجموع روايات هذه القصة ومن شهادة مضمونها يطمئن الإنسان بوقوعها..
وهي غنية بالدلالات، ومن أولها أنا نلمس صدق قول رسول الله صلى الله عليه وآله (ما أوذي نبي بمثل ما أوذيت) وأنه صلى الله عليه وآله تفرد عن الأنبياء السالفين بأنواع جديدة من الأذى لم تكن في عهودهم، كما تفرد في عمقها الذي هو أشد من حز الشفار وأمر من طعم العلقم! ومما كان يزيد فيها أنه لم يكن من مصلحة الإسلام أن يعلن النبي عنها ويكشفها للناس!
إن هذه القصة تكشف عن حلقة بارزة من فعاليات النبي صلى الله عليه وآله لإحباط واحدة من خطط اليهود لفرض ثقافتهم على الإسلام وجعل محمد صلى الله عليه وآله كأحد أنبياء التوراة الذين اضطهدوهم وشوهوا تاريخهم!!
وعندما يصل طمع اليهود إلى مطالبة النبي والمسلمين أن يتبنوا توراتهم المحرفة..
وعندما يؤثروا على بعض كبار أصحاب النبي وبعض زوجات النبي.. فالله يعلم كم كان حجم نشاطهم وفعالياتهم وضغوطهم على النبي صلى الله عليه وآله؟!