وهي قصة غنية بالدلالات، أن الخليفة عمر كان دائما بطل التأثر بالثقافة اليهودية..
فالقصة هنا جديدة وهي أن النبي صلى الله عليه وآله رأى في يد عمر كتابا فأحس بالخطر! لقد وصل الأمر في الأمة إلى التلقي الرسمي من اليهود.. ولم ينفع معهم الشرح والتوضيح والنهي.. ولذا كان على النبي هذه المرة أن يبادر هو بالسؤال (فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم في يدي فقال ما هذا الكتاب يا عمر؟!... فقال لي رسول الله ما هذا في يدك يا عمر؟ فقلت يا رسول الله كتاب نسخته لنزداد به علما إلى علمنا، فغضب رسول الله حتى احمرت وجنتاه ثم نودي بالصلاة جامعة!! فقالت الأنصار: أغضب نبيكم، السلاح!!).
وفي هذا الموقف دلالة واضحة على أن نهي النبي عن ثقافتهم لم يؤثر! بل استمرت حركة اليهود في أصحابه! واستمر أصحابه في خدمة خطتهم عن سذاجة أو اجتهاد!
وأمام هذه الأسلحة القاتلة.. لا بد من إعلان النفير المسلح وإطلاق حكم الله تعالى في ثقافة اليهود وفي المبهورين بها أو عملائها لا فرق، ولا بد من حفر ذلك في أذهان الأمة حفرا في حالة الغضب.. وتحت السلاح!!
وثاني هذه الدلالات، أن خطبة النبي صلى الله عليه وآله لا بد أنها كانت أطول مما نقله الخليفة عمر أو تذكره منها!!
ولكن الموجود منها بركة، والأمور الأربعة الواردة فيها كافية لمعرفة الوضع المرضي في الأمة والدواء النبوي له.. (فقال: يا أيها الذين آمنوا إني قد أوتيت جوامع الكلم وخواتيمه واختصر لي اختصارا، ولقد أتيتكم بها بيضاء نقية فلا تتهوكوا ولا يغرنكم المتهوكون!):
الأمر الأول، إذا كان يعجبكم بلاغة حاخامات اليهود ورهبانهم وقلتم إن أحاديثهم لفصاحتها وبلاغتها تأخذ بمجامع قلوبكم! فإن نبيكم أبلغ منهم يا من تدعون معرفة الفصاحة والبلاغة! فقد أعطاه الله تعالى جوامع الكلم وطوع الله له المعاني والألفاظ تطويعا لم يعطه حتى لموسى بن عمران! فما لكم تدعون الإيمان بالله ورسوله ثم تستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير؟!