والظاهر أن محل هذه الحادثة البصرة مركز ولاية أبي موسى الأشعري وأن عبد الله ابن مسعود كان زائرا، لقول حذيفة في الرواية (من أهل هذا البلد) و هو يدل على أن أهل البصرة غير اليمانيين كانوا يقرؤون بقراءة ابن مسعود، و اليمانيين بقراءة أبي موسى! ولو كانت الحادثة في المدينة لما صح ذلك لأن أهلها كانوا يقرؤون بقراءة أبي!
مهما يكن، فقد كان حذيفة رسولا من الخليفة مع نسخة من المصحف الإمام ليصحح النسخ عليه.. وقد امتنع ابن مسعود من تسليم نسخته بحجة أنه أعلم من زيد الذي كتب نسخة المصحف الإمام.. وأوصى ابن مسعود الذين نسخوا عنه أن لا يسلموا نسخهم إلى حذيفة ويغلوها إذا استطاعوا، ويقاوموا أمر الخليفة!! قال ابن شبة في تاريخ المدينة ج 3 ص 1005:
(... عن توبة بن أبي فاختة، عن أبيه قال بعث عثمان رضي الله عنه إلى عبد الله أن يدفع المصحف إليه قال: ولم؟ قال: لأنه كتب القرآن على حرف زيد! قال: أما أن أعطيكم المصحف فلن أعطيكموه، ومن استطاع أن يغل شيئا فليفعل، والله لقد قرأت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة، وإن زيدا لذو ذؤابتين يلعب بالمدينة!).
وقال في ج 3 ص 1006:
(... عن خمير بن مالك قال: لما أمر بالمصاحف أن تغير ساء ذلك عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال: من استطاع منكم أن يغل مصحفا فليفعل، فإن من غل شيئا جاء بما غل يوم القيامة، ثم قال: لقد قرأت القرآن من في رسول الله سبعين سورة، وزيد صبي، أفأترك ما أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!).
وقال الترمذي في سننه ج 4 ص 348:
(قال الزهري: فأخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن عبد الله ابن مسعود كره لزيد بن ثابت نسخ المصاحف، وقال: يا معشر المسلمين أعزل عن نسخ كتابة المصاحف ويتولاها رجل، والله لقد أسلمت وإنه لفي صلب رجل كافر! يريد زيد بن ثابت، ولذلك قال عبد الله بن مسعود: يا أهل العراق اكتموا المصاحف التي عندكم وغلوها، فإن الله يقول ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة فالقوا الله بالمصاحف. قال