أثارت (دائرة المعارف الإسلامية) شبهة حول هذا الموضوع، فتساءلت: ألم يكن عثمان أجدر أن تودع هذه الصحف عنده؟ (أنظر II Islam Encyclopedia, P 1130) ونجيب: بل حفصة أولى بذلك وأجدر، لأن عمر أوصى بأن تكون الصحف مودعة لديها، وهي زوجة رسول الله أم المؤمنين، فضلا على حفظها القرآن كله في صدرها وتمكنها من القراءة والكتابة، وكان عمر قد جعل أمر الخلافة شورى من بعده، فكيف يسلم إلى عثمان هاتيك الصحف قبل أن يفكر أحد في اختياره للخلافة) انتهى.
لكن هل غاب عن الدكتور المؤلف وأمثاله من الباحثين المعاصرين أن من حق الباحث الغربي أن يتساءل: إن نسخة القرآن هي النص الرسمي السماوي لدستور دين المسلمين، وقد جمعها خليفة النبي وكانت عنده ولم ينشرها.. وقد اهتم بمسألة الحكم بعد وفاته وأوصى بالشورى وألزم أعضاءها أن يصلوا إلى نتيجة خلال ثلاثة أيام.. فكان من الطبيعي كما أوصى بالخلافة أن يوصي بنسخة القرآن للخليفة المنتخب؟!
ثم إذا كانت تلك النسخة لا تختلف عن النسخة الفعلية التي نشرها عثمان، فلماذا وجد اللغط حولها فطلبتها السلطة فاستعصت بها حفصة إلى آخر عمرها؟ حتى صادرتها الدولة مباشرة بعد دفن حفصة و.. أحرقتها؟!!
هذه نماذج مما رووه وقالوه عن جمع الخليفة أبي بكر وعمر للقرآن.. وقد رأيت أنه لا يمكن لباحث أن يقبل مسألة لجنة زيد ومصحف عمر على ظاهرها، بل لا بد أن يفسرها بأنها من أعمال السلطة لتسكيت الناس عن المطالبة باعتماد نسخة رسمية.. أو هي محاولة لجمع نسخة رسمية للقرآن حسب قناعات الخليفة عمر.. وإلا فإن القرآن الكريم كان مجموعا مكتوبا في مصاحف عديدة من عهد النبي صلى الله عليه وآله..
وكانت المصاحف تكتب في حياة النبي وبعده في عهد الخليفة أبي بكر وبعده، في المدينة وخارجها، بإملاء الصحابة وخطهم، ويتلقفها المسلمون المتعطشون إليها، بل حتى أعداء المسلمين!