حتى اضطر نائب الخليفة عمر ورئيس اللجنة وعضوها الوحيد زيد بن ثابت أن يجلسا على باب المسجد ويعلنا للمصلين: رحم الله من كان من عنده آية فليقلها حتى نكتبها في المصحف!!
روى في كنز العمال ج 2 ص 573:
(عن هشام بن عروة قال: لما استحر القتل بالقراء فرق أبو بكر على القرآن أن يضيع، فقال لعمر بن الخطاب، ولزيد بن ثابت: أقعدا على باب المسجد، فمن جاءكما بشاهدين على شئ من كتاب الله فاكتباه - ابن أبي داود في المصاحف.
... عن هشام بن عروة عن أبيه قال: لما قتل أهل اليمامة أمر أبو بكر الصديق عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت فقال: أجلسا على باب المسجد فلا يأتينكما أحد بشئ من القرآن تنكرانه يشهد عليه رجلان إلا أثبتماه، وذلك لأنه قتل باليمامة ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جمعوا القرآن! - ابن سعد ك) انتهى.
وفي عصرنا الواعي كما في عصور سابقة، صارت هذه الرواية موثقة وصارت منقبة للدولة ولزيد في ورعه واحتياطه.. قال الدكتور صبحي الصالح في كتابه (مباحث في علوم القرآن) ص 75 - 76:
(... ولكنه (زيد) أراد - ورعا منه واحتياطا - أن يشفع الحفظ بالكتابة، وظل ناهجا هذا النهج في سائر القرآن الذي تتبعه فجمعه بأمر أبي بكر: فكان لا بد لقبول آية أو آيات من شاهدين هما الحفظ والكتابة، وبهذا فسر ابن حجر المراد من الشاهدين في قول أبي بكر لعمر وزيد: أقعدا على باب المسجد، فمن جاءكما بشاهدين على شئ من كتاب الله فاكتباه - الإتقان 1 - 100)!!
وينبغي أن نتوقف طويلا عن قول أبي بكر (فلا يأتينكما أحد بشئ من القرآن تنكرانه يشهد عليه رجلان إلا أثبتماه) ففي هذا الكلام علم كثير، فهو يدل على أن القرآن الذي (يحفظه) أبو بكر وعمر وزيد وغيرهم من الحفاظ المعروفين، ناقص!!
وأن بقيته مبثوثة عند الناس، لذلك تعلن الخلافة أن أي نص يشهد عليه رجلان أنه من القرآن فهي تلتزم به وتثبته في القرآن، ونائب الخليفة وكاتبه مأموران أن يدخلا ذلك النص في القرآن حتى لو لم يشهدا به، بل حتى لو استغرباه وأنكراه (تنكرانه.. إلا أثبتماه)!