ونستبعد أن يكون الخليفة أبا بكر احتفظ بالصحف في بيته، فقد كان المشروع مشروع عمر، وكان هو المتصدي له حتى في عهد أبي بكر، وكان زيد منفذا لأمر عمر فقط!
كما أن لحفظ الصحف عند حفصة لا في بيت عمر ولا عند زيد، معنى المحافظة التامة عليها وعدم نشرها، فقد كانت حفصة أقرب أهل بيت عمر إليه، ووصيه الشرعي وموضع أسراره! قال السرخسي في المبسوط ج 12 ص 36:
(واستدل محمد رحمه الله في الكتاب بحديث عمر رضي الله عنه فإنه جعل وقفه في يد ابنته حفصة رضي الله عنها وإنما فعل ذلك ليتم الوقف، ولكن أبو يوسف رحمه الله يقول فعل ذلك لكثرة اشتغاله وخاف التقصير منه في أوانه، أو ليكون في يدها بعد موته) انتهى.
لكن لماذا لم ينشر عمر النسخة؟ ولماذا لم تسلمها حفصة إلى الخليفة عثمان؟
ثم لماذا أصر عثمان ثم مروان على مصادرتها من حفصة وإحراقها؟!
ثم السؤال الأكبر والعجب من الباحثين المعاصرين، كيف يصدرون حكمهم بأن القرآن الذي في أيدينا هو مصحف أبي بكر أو مصحف عمر؟!
قال الدكتور صبحي الصالح في كتابه (مباحث في علوم القرآن) ص 77:
(وقد تم لأبي بكر جمع القرآن كله خلال سنة واحدة تقريبا، لأن أمره زيدا بجمعه كان بعد واقعة اليمامة، وقد حصل الجمع بين هذه الواقعة ووفاة أبي بكر. وحين نتذكر كيف جمع هذا القرآن من الرقاع والعسب واللخاف والأقتاب والجلود في هذه المدة القصيرة، لا يسعنا إلا أن نكبر عزيمة الصحابة الذين بذلوا أنفسهم لله، ولا يسعنا إلا أن نقول مع علي بن أبي طالب: رحم الله أبا بكر، هو أول من جمع كتاب الله بين اللوحين. البرهان 1 - 239، المصاحف لابن أبي داوود ص 5..
أما عمر فقد سجل له التاريخ أنه صاحب الفكرة، كما سجل لزيد أنه وضعها موضع التنفيذ. وختام النص الذي رواه البخاري عن زيد ينبئنا بأن الصحف التي جمع فيها القرآن كانت عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم صارت إلى عمر وظللت عنده حتى توفاه الله، ثم صارت إلى حفصة بنت عمر لا إلى الخليفة الجديد عثمان. وقد