(عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن بكتاب فيه الفرائض والسنن والديات وبعث به مع عمرو بن حزم.. فذكر الحديث وفيه قال: ولا يمس القرآن إلا طاهر).
وفي هذا الحديث دلالة على اهتمام النبي صلى الله عليه وآله بتدوين الأحكام وإرسالها إلى الأمصار.. ومن باب أولى أن يرسل لهم نسخة القرآن.. بل يدل الحديث على وجود نسخة المصحف في اليمن، أو أن النبي أرسلها مع كتاب الفرائض والسنن والديات المذكور.. وإلا لما صح أن يذكر لهم حرمة مسه لغير المتوضئ. وفيه دلالة أيضا على أن القرآن يستعمل في حديث النبي صلى الله عليه وآله بمعنى المصحف كما تقدم ويأتي.
ويدل عليه أيضا:
الحكم الشرعي باستحباب قراءة القرآن في المصحف حتى لمن يحفظه، قال البخاري في صحيحه ج 1 ص 170:
(باب إمامة العبد والمولى وكانت عائشة يؤمها عبدها ذكوان من المصحف، وولد البغي والأعرابي والغلام الذي لم يحتلم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: يؤمهم أقرؤهم لكتاب الله ولا يمنع العبد من الجماعة بغير علة).
وقال مالك في المدونة الكبرى ج 1 ص 224:
(عن ابن شهاب قال كان خيارنا يقرؤن في المصاحف في رمضان وأن ذكوان غلام عائشة كان يؤمها في المصحف في رمضان. وقال مالك والليث مثله).
وقال ابن قدامة في المغني ج 1 ص 613:
(وقال أبو حنيفة تبطل الصلاة به إذا لم يكن حافظا لأنه عمل طويل، وقد روى أبو بكر بن أبي داود في كتاب المصاحف بإسناده عن ابن عباس قال نهانا أمير المؤمنين أن نؤم الناس في المصاحف وأن يؤمنا إلا محتلم. وروي عن ابن المسيب والحسن ومجاهد وإبراهيم وسليمان بن حنظلة والربيع كراهة ذلك، وعن سعيد والحسن قالا تردد ما معك من القرآن ولا تقرأ في المصحف، والدليل على جوازه ما روى أبو بكر الأثرم وابن أبي داود بإسنادهما عن عائشة أنها كانت يؤمها عبد لها في المصحف،