والمسيحية الذين كانوا يستعبدونهم، وكانوا محرومين من حرية الفكر والتكامل الإنساني.
وأما ما قاله بعض المفسرين الكبار من أن المقصود من الذين آتيناهم الكتاب هم أصحاب النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فبعيد جدا، لأن هذا الوصف ليس معهودا بالنسبة للمسلمين، بالإضافة إلى ذلك فإنها غير موافقة مع جملة بما أنزل إليك (1).
وبما أن سورة الرعد مكية فهي غير منافية لما قلناه آنفا، مع أن المركز الأصلي لليهود في الجزيرة العربية كان المدينة وخيبر، والمركز الأصلي للمسيحيين هو نجران وأمثالها، ولكنهم كانوا يترددون على مكة ويعكسون أفكارهم ومعتقداتهم فيها، ولهذا السبب كان أهل مكة يعرفون علامات آخر نبي مرسل وكانوا ينتظرونه (قصة ورقة بن نوفل وأمثالها معروفة).
وهناك شواهد لهذا الموضوع في آيات أخرى من القرآن الكريم والتي كان يفرح المؤمنين من أهل الكتاب عند نزول الآيات على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فمثلا الآية (52) من سورة القصص تقول: الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون.
ثم تضيف الآية ومن الأحزاب من ينكر بعضه المقصود من هذه المجموعة هي نفس جماعة اليهود والنصارى الذين غلبهم التعصب الطائفي وأمثاله، ولذلك لم يعبر القرآن الكريم عنهم بأهل الكتاب، لأنهم لم يتبعوا كتبهم السماوية. بل كانوا في الحقيقة أحزابا وكتلا تابعين لخطهم الحزبي، وهذه المجموعة كانت تنكر كل ما خالف ميلهم ولم يطابق أهواءهم.
ويحتمل أيضا أن كلمة " الأحزاب " إشارة إلى المشركين، لأن سورة