فهذا الصبر هو المعني بقوله تعالى: ابتغاء وجه الله.
الصفة السادسة من صفاتهم هي وأقاموا الصلاة. رغم أن إقامة الصلاة هي مصداق للوفاء بعهد الله وكذلك المصداق البارز لحفظ ما أمر الله به أن يوصل، ومصداق للصبر والاستقامة، ولكن هناك بعض مصاديق تلك المفاهيم الكلية أكثر أهمية في مصير الإنسان، فهذه الجملة والجمل التي ما بعدها تشير إلى ذلك.
أي شئ أهم من هذا؟! إن الإنسان يجدد عهده وصلته بالله سبحانه وتعالى صباحا ومساءا، ويتفكر بعظمة الخالق ويدعوه، ويطهر نفسه من الذنوب، ويرتبط بالحق المطلق، نعم.. فإن الصلاة لها كل هذه الآثار والبركات.
ثم يبين الصفة السابعة لدعاة الحق حيث يقول تعالى: وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية.
وهذه الآية ليست الوحيدة التي تشير إلى مسألة الإنفاق أو الزكاة بعد ذكر الصلاة، فكثير من الآيات تشير إلى هذا الترادف، فواحدة تحكم الصلة بين العبد وربه والثانية بين العباد.
والجملة مما رزقناهم تشمل كل العطايا من الأموال والعلوم والقوة والجاه، والإنفاق كذلك يشمل جميع هذه الأبعاد. والعبارة سرا وعلانية إشارة أخرى إلى هذه الحقيقة وهي أن إنفاقهم يتم بشكل مدروس، فتارة يكون سرا ويترتب عليه أثر كبير، وذلك في الحالات التي توجب أن يحفظ فيها ماء الوجه للطرف الآخر أو تصون الطرف المنفق من الرياء، ومرة يكون الإنفاق العلني أكثر تأثيرا وذلك في الحالات التي تدعو الآخرين لكي يتأسوا بهذا العمل الخير ويقتدوا به، فيكون سببا لكثير من أعمال الخير.
ومن هنا يتضح أن القرآن الكريم يدقق في أعمال الخير بشكل كبير، ليس فقط في أصل العمل، بل حتى في كيفية تنفيذه.
الصفة الثامنة والأخيرة هي قوله تعالى: ويدرأون بالحسنة السيئة.