وجعل الروح اسما للنفس... والروح التنفس وقد أراح الإنسان إذا تنفس...).
وأخيرا جمع الاخوة متاعهم وتوجهوا صوب مصر، وهذه هي المرة الثالثة التي يدخلون فيها أرض مصر، هذه الأرض التي سببت لهم المشاكل وجرت عليهم الويلات.
لكن في هذه السفرة - خلافا للسفرتين السابقتين - كانوا يشعرون بشئ من الخجل يعذب ضمائرهم فإن سمعتهم عند أهل مصر أو العزيز ملوثة للوصمة التي لصقت بهم في المرة السابقة، ولعلهم كانوا يرونهم بمثابة (مجموعة من لصوص كنعان) الذين جاؤوا للسرقة. ومن جهة أخرى لم يحملوا معهم هذه المرة من المتاع ما يستحق أن يعاوضوه بالطعام والحبوب، إضافة إلى هذه الأمور فإن فقد أخيهم بنيامين والآلام التي ألمت بأبيهم كانت تزيد من قلقهم وبتعبير آخر فإن السكين قد وصلت إلى العظم، كما يقول المثل إلا أن الذي كان يبعث في نفوسهم الأمل ويعطيهم القدرة على تحمل الصعاب هو وصية أبيهم لا تيأسوا من روح الله.
وأخيرا استطاعوا أن يقابلوا يوسف، فخاطبوه - وهم في غاية الشدة والألم - بقولهم: فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر أي أن القحط والغلاء والشدة قد ألمت بنا وبعائلتنا ولم نحمل معنا من كنعان إلا متاعا رخيصا وجئنا ببضاعة مزجاة (1) لا قيمة لها ولكن - في كل الأحوال - نعتمد على ما تبذل لنا من كرمك ونأمل في معروفك فاوف لنا الكيل بمنك الكريم وصدقاتك الوافرة وتصدق علينا ولا تطلب منا الأجر، بل اطلبه من الله سبحانه وتعالى حيث إن الله يجزي المتصدقين.